للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تقييد الإذن بالسلامة:

من القواعد الفقهية المقررة في الفقه الإسلامي، أن المتولد من فعل مأذون فيه لا يكون مضموناً، ويستثنى من ذلك ما كان مشروطاً بسلامة العاقبة. (١) وقد قسم السادة الحنفية الحقوق التي تثبت للمأذون قسمين:

أ- حقوق واجبة:

ولا فرق بين أن تكون بإيجاب الشارع، كحق الإمام في إقامة الحد وفي القصاص والتعزير، وبين أن تكون واجبة بإيجاب العقد، كعمل الفصاد، (٢) والحجام، (٣) والختان، (٤) وغيرها.

وهذه الحقوق جميعها، لا يشترط فيها سلامة العاقبة، لأنه لا ضمان فيها إلا بالتجاوز عن الموضع المعتاد.

وعليه، فلا ضمان على حجام وبزاغ (٥) أو فصاد، لم يجاوز الموضع المعتاد، فإن جاوز ضمن الزيادة كلها إذا لم يهلك، وإن هلك ضمن نصف دية النفس، فلو قطع الختان الحشفة، وبرئ المقطوع، تجب عليه دية كاملة، وإن مات فالواجب عليه نصفها، هذه عبارة (الدر المختار) .

وقد علق صاحب رد المحتار على هذه العبارة بقوله: (لم يجاوز الموضع المعتاد) أي وكان بالإذن.

قال في (الكافي) : عبارة المختصر ناطقة بعدم التجاوز وساكتة عن الإذن،، وعبارة الجامع الصغير ناطقة بالإذن ساكتة عن التجاوز.

ويستفاد من مجموع الروايتين، اشتراط عدم التجاوز والإذن، لعدم الضمان؛ حتى إذا عدم أحدهما أو كلاهما يجب الضمان. (٦)

ب- حقوق مباحة:

كحق الولي في التأديب عند أبي حنيفة، وحق الزوج في التعزير فيما يباح له ونحوهما. وهذه الحقوق تتقيد بوصف السلامة. (٧)

وبالنظر في ذلك عند بقية المذاهب، يتبين أنهم كالحنفية في هذا المعنى مع شيء من الخلاف الطفيف ففي تحديد الحقوق التي تتقيد لوصف السلامة، والتي لا تتقيد بها، تبعاً لاختلاف أنظارهم في تعليل الفعل.


(١) بدائع الصنائع (٧/٣٠٥) ؛ والأشباه والنظائر للسيوطي ص (١١١) .
(٢) يقال: فصد الفاصد العرق فصداً: شقه. وفصد الفاصد المريض: أخرج مقداراً من دم وريده بقصد العلاج –المصباح المنير، والمعجم الوسيط مادة (فصد) .
(٣) الحجام: محترف الحجامة، يقال: حجم المريض: عالجه بالحجامة، وهي امتصاص الدم بالمحجم. المصدران السابقان مادة (حجم)
(٤) الختان: متعاطي الختان، والختان يطلق على موضع القطع من الفرج.
(٥) البزاغ: متعاطي البزغ، والبزغ من باب القتل: الشرط للجلد وغيره، والفصد في الآدمي والبزغ في الحيوان.
(٦) رد المحتار على الدر المختار (٥/٤٤) ، وتبيين الحقائق للزيلعي (٥/١٣٧) .
(٧) الأشباه والنظائر لابن نجيم ص (١١٦)

<<  <  ج: ص:  >  >>