للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

هذا وقد حدد القانون الفئات المنوطة بحفظ السرية، واعتبر كل العاملين الذين لهم علاقة بالمريض ابتداء بالسجلات الطبية ومروراً بالهيئة التمريضية والأغذية والصيادلة والعاملين بالمختبرات والأشعة بجميع أنواعها مسؤولين الحفاظ على سرية المعلومات الطبية. (١)

إلا أن التقنية الحديثة وإدخال الحاسب الآلي سوف يؤدي بالتعرف على جميع أسرار المرض بكل سهولة.

أيضاً حدود المشكلة تحتاج إلى دراسة، فهناك الشؤون الإدارية والقانونية والمالية في وزارة الصحة والمستشفيات، فهل يلزمهم القانون بالسرية مثلهم في ذلك مثل بقية المهن الطبية؟ أيضاً موظفو شركات التأمين على الحياة، مشكلة أخرى هي قد يعرض دوسيه شخص ما على أحد مسؤولي الوزارة في مشكلة ما، ويكتشف هذا المسؤول أن صاحب العلاقة مريض بمرض خطير ... هل من حقه إبلاغ السلطات الأعلى لاتخاذ قرارات ضد هذا الشخص أم لا؟ (٢)

في الاستعراض السابق تحدثت عن موقف القانون المدني فما هو موقف الإسلام:

الإسلام أحرص من بقية التشريعات المدنية على كتم أسرار العباد (فالستار) هو أحد أسماء الله الحسنى، والرسول صلى الله عليه وسلم نهى عن خيانة الأمانة فقال: ((آية المنافق ثلاث: إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أؤتمن خان)) بل إن الرسول صلى الله عليه وسلم نهى أن يطلع الرجل أسرار بيته على أحد فقال: ((إن من أشر الناس عند الله منزلة يوم القيامة الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر أمرهما)) وفي السنة في قصة ماعز الذي اعترف بالزنا فأقام النبي صلى الله عليه وسلم الحد عليه بالرجم، جاء هزال فقال: أنا أمرته أن يأتي فيعترف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((يا هزال لو سترته بردائك لكان خيراً)) . وروي عن أبي بكر رضي الله عنه أنه قال: لو وجدت شارباً لأحببت أن يستره الله، ولو وجدت سارقاً لأحببت أن يستره الله) .

في القانون المدني إذا طلب من طبيب الشهادة على سر اؤتمن عليه فإن واجبه ألا يستجيب لذلك إلا إذا حصل على موافقة صاحبه؛ لأن القانون كفل مبدأ سر المهنة، وما بني على خطأ فهو خطأ.


(١) قوانين مزاولة المهن الطبية (للأطباء والصيادلة والقابلات والممرضات)
(٢) بحث الدكتور عبد السلام الترمينيني –مجلة الحقوق والشريعة، العدد الثاني، السنة الخامسة يونيو ١٩٨١ شعبان ١٤٠١ هـ، ص ٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>