حيث أشارت الآيات الكريمة إلى أن تبتيك الأنعام أي تقطيعها وتغيير خلق الله بمثل قطع الآذان وفقء الأعين هو من المحرمات، ومن فعل الشيطان وأثره.
أما الحديثان فهما ما رواه عياض المجاشعي رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في الحديث القدسي فيما يرويه عن ربه:((إني خلقت عبادي حنفاء كلهم، وإن الشياطين أتتهم فاجتالتهم عن دينهم، فحرمت عليهم ما أحللت لهم، وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً، وأمرتهم أن يغيروا خلقي)) أخرجه مسلم.
وما رواه ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:((لعن الله الواشمات والمستوشمات والنامصات والمتنمصات والمتفلجات للحسن المغيرات خلق الله)) أخرجه مسلم. أيضاً وقد حمل جماعة من المفسرين هذا التغيير على أنه إشارة إلى الوشم وما جرى مجراه من التصنع للحسن وهو قول ابن مسعود والحسن البصري: والوشم غرز ظاهر الجسم بإبرة ثم حشوه بالكحل أو النئور (دخان الشحم) فيخضر، ومما يجري مجرى الوشم التنمص وهو قلع الشعر من الوجه، والتفلج وهو صنع تحزيزات في الأسنان تفعله المرأة الكبيرة للتشبه بالشابة.
والمعنى الذي حرمت لأجله هذه الأمور هو تغيير خلق الله تعالى كما قال ابن مسعود، وهو أصح الآراء كما قال القرطبي (١) ، ورجحه على قول من تكلف تعليلاً لا يشير إليه النص، وجعل المعنى في النهي للتدليس وكذلك تظل هذه التصرفات مما تشمله الآية عند من حمل (التغيير) على ما حصل لبعض المخلوقات التي هي للاعتبار والانتفاع، حيث جعلوها معبودة لأمر الشيطان، وهذا النهي إنما هو فيما يكون باقياً؛ لأنه هو الذي يتحقق فيه تغيير خلق الله، فأما ما لا يكون باقياً كالكحل والزينة فلا شيء فيه ولا يدخل في هذا المنع.