للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أدلة الجمهور على وجوب القصاص على القاتل بالسم وما شابهه:

الضابط الذي ذكره جمهور الفقهاء في قتل العمد العدوان، أنه القتل بما يغلب على الظن موته به مطرد على عمومه لا يستثنى منه شيء (١)

وهذا سبب يسري إلى البدن غالباً فيؤدي إلى القتل فيستدل له بما يلي:

١- قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى} [البقرة: ١٧٨] .

٢- وقوله تعالى: {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: ١٧٩] .

٣- وقوله تعالى: {وَمَنْ قُتِلَ مَظْلُومًا فَقَدْ جَعَلْنَا لِوَلِيِّهِ سُلْطَانًا} [الإسراء: ٣٣] .

٤- ما ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم لما مات بشر بن البراء بن معرور، أرسل إلى اليهودية، فقال: ((ما حملك على الذي صنعت؟ فأمر بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقتلت)) (٢)

٥- هذا سبب يقتل غالباً ويتخذ طريقاً إلى القتل كثيراً فأوجب القصاص كما لو أكرهه على شربه (٣)

٦- لو كان القتل بالأسباب الخفية لا يوجب القصاص لعدل شرار الخلق عن الأسباب الظاهرة الموجبة للقصاص إلى الأسباب الخفية كالسم والسحر والجراثيم والفيروسات ونشر الأمراض الفتاكة التي تعتبر أشد فتكاً وأكثر قتلاً من المحدد والمثقل فالأولى أن تأخذ حكم الأسباب الظاهرة، والله أعلم.

وقد نوقشت أدلة القائلين بعدم قتل مقدم السم بمناقشات بينت ضعفها، فخبر اليهودية ورد في سنن أبي داود أن النبي صلى الله عليه وسلم لم يقتلها قبل أن يموت بشر بن البراء فلما مات أمر بقتلها فقتلت، وأنس نقل صدر القصة دون آخرها فيتعين حمله عليه جمعاً بين الخبرين (٤)

أما تقديم السكين ففرق بينه وبين دس السم إذ السكين لا تقدم إلى الإنسان ليقتل بها نفسه إنما تقدم إليه لينتفع بها وهو عالم بمضرتها ونفعها فأشبه ما لو قدم إليه السم وهو عالم به فأكله (٥)


(١) عبد الله البسام، نيل المآرب: ٤/ ٤٣٤
(٢) أبو داود، السنن: ٤/ ١٧٥
(٣) ابن قدامة، المغني: ٧/ ٦٤٣
(٤) ابن قدامة، المغني: ٧/ ٦٤٣، ٦٤٤
(٥) ابن قدامة، المغني: ٧/ ٦٤٣، ٦٤٤

<<  <  ج: ص:  >  >>