للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- وأخرج أبو داود في سننه (كتاب الطب) ، والترمذي في الجامع الصحيح (كتاب الطب) ، وابن ماجه في سننه والحاكم في المستدرك، وأحمد في مسنده، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدواء الخبيث)) .

قال الحاكم: صحيح الإسناد، ووافقه الذهبي، وقال أحمد شاكر محقق المسند: إسناده صحيح، وقال السيوطي في (المنهج السوي والمنهل الروي في الطب النبوي) : الدواء الخبيث هو السم.

وذكر عبد الملك بن حبيب الأندلسي المالكي الألبيري المتوفى سنة ٢٣٨هـ في كتاب الطب النبوي أثراً لمالك بن أنس رحمه الله قال: (لا يحل لأحد أن يداوي دبر الدواب بالخمر، فكيف بمداواة المريض بها، وكان ابن عمر إذا دعا طبيباً يداوي أهله اشترط عليه ألا يداوي بشيء مما حرم الله) .

وروي أن عمر بن الخطاب سأل الحارث بن كلدة الثقفي عن دواء الخاصرة، قال: الحلبة تطبخ ويجعل فيها سمن البقر، قال الحارث: وأما إذا كنا على غير الإسلام فالخمر وسمن البقر، قال عمر: لا نسمع منك ذكر الخمر، فإني لا آمن إن طالت مدة من لا ورع له أن يتداوى بالخمر.

التداوي بالخمر:

رغم أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد أوضح في أحاديثه الكثيرة الصحيحة أن الخمر داء وليست دواء، إلا أن البشرية ظلت سادرة في غيها وضلالها تتداوى بالخمر، وقد كان الأطباء يزعمون في الأزمنة الغابرة وعلى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعده وحتى عهد قريب أن للخمر بعض المنافع الطبية، ثم تقدمت الاكتشافات العلمية وبطلت تلك المزاعم والأوهام، ومن تلك المنافع المزعومة ما قاله بولس محرف دين المسيح: إن قليلاً من الخمر يصلح المعدة، وبناء على هذا الوهم، فإن الخمر تشرب منذ أقدم الأزمنة كفاتح للشهية (أبرتيف APeretif) وقد ثبت أن استخدام هذا القليل بانتظام يؤدي إلى التهاب المعدة الضموري، والتهاب المريء، كما يؤدي إلى إصابة الكبد والبنكرياس، وقد شرحت مضار الخمر في كتابي (الخمر بين الطب والفقه) ، وهو في طبعته السابعة (أكثر من ٤٠٠ صفحة) ، وأضفت ما جد من أضرارها في كتابي (الأضرار الصحية للمسكرات والمخدرات والمنبهات) . وخلاصة الأمر هو كما قال الأستاذ الدكتور أوبري لويس في أكبر وأشهر مرجع طبي بريطاني (مرجع برايس الطبي) Price Textbook of Medicine (إن الكحول هو السم الوحيد المرخص بتناوله على نطاق واسع في العالم كله، ويجده تحت يده كل من يريد أن يهرب من مشاكله، ولذا يتناوله بكثرة كل مضطربي الشخصية، ويؤدي هو إلى اضطراب الشخصية ومرضها، إن جرعة واحدة من الكحول قد تسبب التسمم وتؤدي إما إلى الهيجان أو الخمود، وقد تؤدي إلى الغيبوبة، أما شاربو الخمر المدمنون فيتعرضون للتحلل الأخلاقي الكامل مع الجنون) .

<<  <  ج: ص:  >  >>