للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن المنافع الموهومة في الخمر أنها تدفئ الجسم في الجو البارد القارس، فقد روى أبو داود في سننه أن ديلم الحميري جاء في وفد اليمن، فقال: ((يا رسول الله، إنا بأرض باردة نعالج فيها عملاً شديداً، وإنا نتخذ شراباً من هذا القمح فنتقوى به على أعمالنا وبرد بلادنا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: هل يسكر؟ قال: نعم، قال: فاجتنبوه، قال: إن الناس غير تاركيه، قال: فإن لم يتركوه فقاتلوهم)) .

وجاء الطب بعد هذه الحادثة بألف وأربعمائة عام ليقول لنا: إن ذلك الدفء ليس إلا من قبيل الوهم، فالخمر توسع الأوعية الدموية، وخاصة تلك التي تحت الجلد، فيشعر المرء بالدفء ويفقد حرارة جسمه في الجو القارس، وما يزيد الطين بلة أن الإنسان المخمور يفقد قدرته على توليد الطاقة من الارتعاش الذي يحدث عند الشعور بالبرد، فالإنسان السليم عندما يشعر بالبرد تنقبض أوعيته الدموية السطحية على الجلد حتى لا يفقد الحرارة، ثم يرتجف من البرد، وهذا الارتجاف يطلق الأدرينالين والكوريتزول ويحول سكر العضلات إلى جلوكوز ينطلق ليعطي الطاقة والدفء، وذلك كله مفقود لدى شارب الخمر، ولذا يتوفى كل عام بضع مئات في الحدائق العامة والمتنزهات في أعياد رأس السنة وأعياد الميلاد في الغرب بسبب شرب الخمر وفقدان الحرارة، ويموتون وهم ينعمون بالدفء الكاذب.. ويتعرض الأطفال بصورة خاصة عند شربهم للخمر لهذه الظاهرة، ويتوفون بسبب انخفاض درجة حرارة الجسم وانخفاض السكر، وذلك بسبب تأثير الخمر على منطقة في الدماغ تعرف باسم تحت المهاد (Hy pothclamus) ، وهي التي تتحكم في درجة حرارة الجسم وفي السكر، مع ما تقدم من اضطراب هرمونات الجسم وتوسع الأوعية الدموية تحت الجلد.

ومن الأوهام المنتشرة حول الخمر أنها دواء للقلب وأنها توسع الشرايين التاجية، وقد كانت تستخدم إلى الستينات من القرن العشرين لمداواة الذبحة الصدرية وجلطات القلب، ثم تبين زيف ذلك الوهم، وأن الخمر لا توسع شرايين القلب على الإطلاق، وأنها أخطر السموم على القلب العضلي وتؤدي إلى إصابة عضلة القلب واعتلالها (Cardiomyopathy) ، ولاشك أن الكحول الميتيلي أشد سمية في هذا الصدد من الكحول الإيتيلي، فالأول يقتل على الفور، والثاني سم بطيء يقتل على مدى الأزمنة المتطاولة.

ومن أوهام الخمر أنها تثير الرغبة الجنسية وتقوي الباءة، وقد شربت ولا تزال تشرب لهذا السبب.. وبما أن الخمر تزيل العقل فإنها تدفع الإنسان إلى الجرائم الجنسية، فمعظم جرائم الاغتصاب والاعتداء الجنسي على المحرمات من الأخوات والبنات ناتجة عن شرب الخمر، وفي الولايات المتحدة كما تقول التايم الأمريكية (١٩٩٠) فإن ٢٠ بالمائة من العائلات الأمريكية تمارس ما يسمى نكاح المحارم (Incest) ، وذلك نتيجة لانتشار الخمور على نطاق واسع ونتيجة لتحطم القيم وانحلال الأسرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>