(إن التداوي بالخمر حرام إذا كانت صرفاً غير ممزوجة بشيء آخر تستهلك فيه، أما الترياق المعجون بها ونحوه مما تستهلك فيه فيجوز التداوي به عند فقد ما يقوم به التداوي من الطاهرات، فعندئذ يتبع حكم التداوي بنجس كلحم حية وبول، وكذا يجوز التداوي بذلك لتعجيل الشفاء بشرط إخبار طبيب مسلم عدل بذلك، أو معرفته للتداوي به، وبشرط أن يكون القدر المستعمل قليلاً لا يسكر) .
وهكذا شرط الشربيني ثلاثة شروط لإباحة استخدام الخمر (الغول، الكحول) في الدواء كترياق معجونة به:
١- أن لا يكون هناك دواء آخر خال من الكحول (الغول) ينفع لتلك الحالة.
٢- أن يدل على ذلك طبيب مسلم عدل.
٣- أن يكون القدر المستعمل قليلاً لا يسكر.
وإذا نظرنا إلى الأدوية الموجودة بها شيء من الكحول نجدها على ضربين:
الأول: مواد قلوية أو دهنية تستعمل كأدوية، وتحتاج لإذابتها إلى استعمال الغول.
الثاني: مواد يضاف إليها شيء يسير من الكحول (الغول) لا لضرورة وإنما لإعطاء الشراب نكهة خاصة ومذاقاً خاصاً تعود عليه أهل أوربا وأمريكا من حيث يأتينا الدواء جاهزاً، وهذا الصنف الثاني لا شك في حرمته ويجب منعه، وقد استطاعت الصناعة الدوائية أن تستبدل النوع الأول بمذيبات أخرى غير الكحول، وقد قدمت أبحاث كثيرة في مؤتمرات الطب الإسلامي توضح إمكانية ذلك.. وقد نادى وزراء الصحة العرب أيضاً باستبعاد الكحول من الأدوية جميعها.
ويحتاج الأمر إلى وقفة حازمة من الحكومات لكي تقوم الصناعة الدوائية باستبدال الكحول بمذيبات أخرى، وعلى سبيل المثال كان (ماء غريب) الذي يعطى للأطفال يحتوي على نسبة من الكحول (٤- ٥ بالمئة) ، كما كان دواء للربو يدعى (كويبرون) Quibron يحتوي على الكحول، فلما طلبت الحكومة الأمريكية من شركات الأدوية استبعاد الكحول استبعدته واستبدلته بمذيب آخر، وذلك أن الأطفال المصابين بالربو يستخدمونه لفترة طويلة تبلغ سنين طوالاً، وقد أدى ذلك إلى إصابة الكبد لدى بعضهم من جراء استخدام الكحول ولو بكمية قليلة، ولذا أمرت الدولة الأمريكية باستبعاد الكحول من جميع أدوية الأطفال، وقد فعلوا ذلك بيسر.. ولكنهم أبقوها للكبار لأن الخمر بذاتها مباحة عندهم.