وهكذا يتضح أن الحكومات الإسلامية تستطيع أن تفرض الدواء الخالي من الكحول بسهولة، خاصة وأن الأدوية التي تحتاج إلى إذابتها للكحول قليلة، ويمكن استبدالها بغيرها، بالإضافة إلى أن المذيبات الأخرى قد توافرت، وأمكن للصناعة الدوائية تقديم الدواء الخالي من الكحول، ويستطيع المجمع الفقهي الموقر أن يوصي الحكومات الإسلامية بذلك.
الخمر المستهلكة:
يستخدم الكحول لإذابة الكولا المستخدمة في المشروبات الغازية مثل البيبسي كولا والكوكاكولا.. إلخ، وتوضع هذه الكمية القليلة من المواد المذابة في الكحول في كميات كبيرة جداً من المياه، بحيث إن الشخص لو شرب الكثير لما سكر، وبهذا انتفت علة التحريم وهي الإسكار؛ إذ إن كثر هذه المادة لم يعد مسكراً، والرسول صلوات الله وسلامه عليه يقول:((ما أسكر كثيره فقليله حرام)) ، ((وما أسكر الفرق منه فملء الكف منه حرام)) ، وهذا الشراب لا يسكر حتى لو شرب المرء منه فرقاً، فما دام كذلك فإن علة التحريم قد انتفت، وقد شبه الفقهاء ذلك بالنجاسة القليلة المستهلكة في الماء الكثير، ومن المعلوم أن الماء أكثر من القلتين لا يحمل الخبث؛ وهذا مثله، وقد أشار إلى هذا الحكم كتاب الأطعمة من الموسوعة الفقهية، إصدار الكويت، وقد ذكر ابن حجر الهيثمي في التحفة على المنهاج ((: وجبن شامي اشتهر عمله بإنفحة الخنزير، وقد جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم جبن من عندهم فأكل ولم يسأل عن ذلك)) .
وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال:((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في تبوك من عمل النصارى، فدعا بسكين فسمى وقطع وأكل)) (أخرجه أبو داود ورزين) .
وأخرج الإمام أحمد والبزار عن ابن عباس رضي الله عنهما قال:((أتي النبي صلى الله عليه وسلم بجبنة في غزاة، فقال: أين صنعت هذه؟ فقالوا: بفارس، ونحن نرى أنه تجعل فيها ميتة، فقال: اصنعوا فيها بالسكين واذكروا اسم الله وكلوا)) .
وقد جاء في كتاب الأطعمة من الموسوعة الفقهية تحت عنوان الغازوزة ما يلي:(الغازوزة شراب حلو فيه قليل من الزيوت العطرية مشبع بغاز ثاني أوكسيد الكربون تحت ضغط أعلى من الضغط الجوي، وقد تضاف إليه مواد أخرى تكسبه لوناً أو طعماً خاصاً..) .
(.
والزيوت العطرية الداخلة في صناعتها لا تمتزج بباقي موادها إلا إذا حلت بإضافة جزء من الغول إليها.. والغول مسكر، بل هو روح المسكرات كلها، فهو نجس عند الجمهور، وبه يتنجس الزيت والغازوزة فيحرم شربها) .
(هذا ما يبدو، ولأول وهلة، ولكن إذا أمعنا النظر أمكننا أن نقول: إن إضافة الغول إنما هي للإصلاح، فشأنها شأن إضافة الإنفحة النجسة إلى اللبن ليصير جبناً، وقد قالوا: إن الإنفحة لا تنجس اللبن، بل يعفى عنها، هذا إذا قلنا: إن الغول نجس، فإن قلنا: إنه طاهر كما قال الشوكاني وكما اختارته لجنة الفتوى في الأزهر فلا إشكال، والله أعلم) .