هناك آداب كثيرة تم حصرها بمعرفة المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، وخرجت في صورة ما أطلق عليه الدستور الإسلامي للمهنة الطبية، وقد وزعت على المشاركين في هذه الدورة في اليوم الأول، وهذه الأخلاقيات أو الآداب تناولت صفة الطبيب وعلاقته بزميله من الأطباء، وعلاقة الطبيب بالمريض، وواجب الطبيب في الحرب، ورعايته لحرمة الحياة الإنسانية، ومسؤولية الطبيب، والطبيب والمجتمع، والطبيب إزاء البحث العلمي، والمعطيات الحديثة، والتعليم الطبي، وأخيراً قَسَم الطبيب، وهذه المادة كتبت في إطار شرعي وفني؛ لأنه شارك وأسهم فيها عدد من المتعاونين مع المنظمة الإسلامية للعلوم الطبية، ولعلها تكون في محل عناية في توصيات هذا الموضوع، والله أعلم.
الشيخ عبد الله بن منيع:
بسم الله الرحمن الرحيم، وصلى الله على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين، وبعد:
في الواقع، أشكر المجمع ممثلاً في رئاسته وأمانته على عرض مثل هذه المواضيع التي في الواقع تدل على إيجابية هذا المجمع، وعلى أنه حريص كل الحرص على بحث كل ما يهم المسلمين من مستجداتهم، وهذا في الواقع على كل حال يعتبر إيفاء وقياماً بالواجب عليه، فجزى الله المسؤولين عن هذا المجمع كل خير.
ما يتعلق بالمسؤولية، في الواقع إن المسؤولية معتبرة شرعاً، من ذلك قوله تعالى:{كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر: ٣٨] ، وقوله تعالى:{وَقِفُوهُمْ إِنَّهُمْ مَسْئُولُونَ}[الصافات: ٢٤] .
وقوله صلى الله عليه وسلم:((كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته)) ، في الواقع إن كل إنسان مسؤول عن تصرفه، سواء كان تصرفاً في نفسه أو في ماله أو في حقوق الآخرين، هذه المسؤولية لاشك أنها قائمة، ويتعين الأخذ بأحكامها وبمقتضياتها.
ما يتعلق بإفشاء السر، فعندنا في الواقع آثار صحيحة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وإفشاء السر تقتضيه المصلحة، فإذا كانت المصلحة في إفشائه راجحة تعين إفشاؤه، وإذا كانت المصلحة في كتمانه واضحة تعين كتمانه، من إفشاء السر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لمعاذ بن جبل رضي الله عنه وأرضاه عندما كان راكباً معه على حماره صلى الله عليه وسلم:((أتدري ما حق الله على العباد وما حق العباد على الله؟ فقال رضي الله عنه وأرضاه: الله ورسوله أعلم، فقال: حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئاً، وحق العباد على الله ألا يعذب من لا يشرك به، فقال معاذ رضي الله عنه: أفلا أبشر الناس، قال: لا تبشرهم فيتكلوا)) فمعاذ رضي الله عنه وأرضاه ذكر ذلك عند قرب وفاته تحرجاً من كتمان العلم بعد أن تأكد أن الإيمان استقر في نفوس المسلمين، فأصبحوا لا يخشى عليهم من الاتكال، بل هم يعرفون أن الإيمان قول وعمل، فالإيمان قول وعقيدة وعمل، وقد استقر هذا في نفوسهم.