للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد أجمعت الصحابة ومن بعدهم على العمل بالسنة، وكذلك أئمة الدين وعلماء الأمة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فهؤلاء يعتمدون السنة ولا يتعمدون مخالفة رسول الله صلى الله عليه وسلم في شيء من سنته دقيق ولا جليل، وإنهم متفقون اتفاقاً يقينياً على وجوب اتباعه، وعلى أن كل واحد من الناس يؤخذ من قوله ويترك، إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم) . (١)

فهو الهادي الذي أقام الله به الدين، وأنقذ به الأمة، وهو المرجع في الأفهام والأحكام، وفيما أغلق إدراكه على الناس، وهو النبي الذي أطلعه الله على أسرار حكمته وخصائص خلقه، وأفاض على قلبه من الأنوار ما سما به على الأفئدة الواعية والعقول الراجحة، وهدى به الإنسانية كلها إلى ما فيه صلاحها وعلو شأنها، فلا خير إلا في اتباعه، ولا هداية إلا بملازمة سبيله: {قَدْ جَاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَكِتَابٌ مُبِينٌ (١٥) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَهُ سُبُلَ السَّلَامِ وَيُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَيَهْدِيهِمْ إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (١٦) } [المائدة: ١٥ – ١٦] .

فلا بدع بعد ذلك إذا رأينا العلماء يُقبلون على السنة تعريفاً وتقعيداً، رواية ودراية، ضبطاً ونقداً، تصحيحاً وتضعيفاً. ولا بدع أن نجد لهم في ذلك الدواوين النافعة المقيدة: من الموطآت، والمسانيد، والصحاح، والسنن، والأمالي، والفوائد، والأجزاء، والفرائد، والمجالس ونحوها، ونراهم يبحثون أسانيد الأخبار ومتونها، يُذهبون عنها الزيف، وينفون عنها تحريف الضالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين، ونقف لهم على ما صنفوه من كتب الطبقات والمعاجم والمشيخات، تعريفاً بالرجال، وتمحيصاً للأحاديث، إلى جانب ما ابتكروه من كتب علم السنة ومصطلحاتها، أو وضعوه في التجريح والتعديل.


(١) ابن تيمية، رفع الملام.

<<  <  ج: ص:  >  >>