للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي تفصيل هذين الإمامين القول في السنة التشريعية لم يتعرض واحد منهما لما ليس منها من باب التشريع.

وشاه ولي الله الدهلوي في كتابه حجة الله البالغة، حيث قسم الحديث إلى ما سبيله تبليغ الرسالة، وفيه قوله تعالى: {وَمَا آَتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] ، وما ليس من باب تبليغ الرسول، وفيه قوله صلى الله عليه وسلم: ((إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشيء من دينكم فخذوا به. وإذا أمرتكم بشيء من رأيي فإنما أنا بشر)) . (١)

ومحمد رشيد رضا في تفصيله حكم اتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، عند تفسير قوله تعالى: {وَاتَّبِعُوهُ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ} [الأعراف: ١٥٨] ، (٢) وتفسير قوله عز وجل: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} [المائدة: ٣] (٣)

ومحمود شلتوت في تقسيمه السنة إلى تشريع وغير تشريع (٤)

ومحمد الطاهر ابن عاشور في حديثه عن انتصاب الشارع للتشريع. (٥)

ومن هذه المقالات المفصلة والتقريرات العلمية يتبين أن الهدي النبوي للأمة وتعليمها وتأديبها غير منحصر في شرح السنة للقرآن، وفي ما ورد منها من تشاريع وأحكام أوضحتها أو انفردت بها، بل إننا نجد هذا الوصف المميز للوحي الخفي أو الباطن يتجلى في مختلف الأغراض التي وردت بها السنة، وفيما وقع ذكره في دواوينها من أحاديث الهدي، والصلح، والإشارة على المستشير، والنصيحة، وتكميل النفوس، وتعليم الناس الحقائق العالية، والتأديب، كما نجده في السيرة العطرة التي كانت محل الائتساء وسبيل الاقتداء، اقتداء أئمة الصحابة، رضوان الله عليهم، بالرسول الأعظم والنبي الأكرم صلى الله عليه وسلم.


(١) م. ٤٣ كتاب الفضائل، ٣٨ باب وجوب امتثال ما قاله شرعاً: ٢/١٨٣٥ ح ١٤٠٠؛ حجة الله البالغة: ١/١٢٨
(٢) تفسير المنار. الأعراف: ١٥٨
(٣) تفسير المنار: ٩/٣١٧
(٤) الإسلام عقيدة وشريعة: ٤٩٩ - ٥٠٥
(٥) مقاصد الشريعة: ٢٨ - ٣٩

<<  <  ج: ص:  >  >>