للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أما زعمه أن ما صح عند البخاري هو أربعة آلاف حديث من غير المكرر لا غير فترده أقوال العلماء. ذكر ابن الصلاح في مقدمته: (فقد روينا عن البخاري أنه قال: ما أدخلت في كتاب الجامع إلا ما صح، وتركت من الصحاح لملال الطول) (١) وروينا عن مسلم أنه قال: (ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهنا، إنما وضعت هاهنا ما أجمعوا عليه) (٢)

وقال ابن كثير: (إن البخاري ومسلماً لم يلتزما بإخراج جميع ما يحكم بصحته من الأحاديث؛ فإنهما قد صححا أحاديث ليست في كتابيهما كما ينقل الترمذي عن البخاري تصحيح أحاديث ليست عنده بل في السنن وغيرها) (٣)

ولا يقف كما قدمنا مكر أحمد أمين عند هذا الحد من توجيهه الطعون للسنة وترويجه الشبهات حولها، فيقفز إلى شنعة أخرى يرددها عن المستشرقين هي اتهامهم علماء المسلمين بقصر النظر، والاكتفاء من العلم بالكتاب والسنة والتدبر لهما والتعمق في دراستهما، آخذين في كل شيء بالمنقول أو العلم النقلي دون ما يمكن أن تهدي إليه مسالك المعقول أو النظر العقلي. وقبل القيام بدراسة موضوعية تعينه على تصور مناهج المحدثين في النقد ودراستها يسبق، كما هي عادة من في قلوبهم مرض ممن يريدون فرض تصوراتهم بأي شكل ومن أي طريق، إلى اتهام الأئمة والطعن في مكاناتهم والقدح في أحكامهم، إضعافاً لشأنهم وصرفاً للطلاب والباحثين عنهم.


(١) ابن الصلاح. علوم الحديث: ١٩
(٢) المقدمة: ٢٠؛ م: ١/٣٠٤ – ٤ كتاب الصلاة، ١٦ باب التشهد في الصلاة، ح ٦٣.
(٣) اختصار علوم الحديث: ٩ -١٠

<<  <  ج: ص:  >  >>