للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

والأساس الثاني يكشف عنه هذا الداعي الداعية بقوله: إن المحققين الذين جمعوا الأحاديث وميزوا بين سقيمها وصحيحها خرجوا بأن الحديث مهما قوي سنده لا يمكن الاعتماد عليه، وما ذكر فيه غير حتمي قطعاً، فلو أمعنا النظر في هذه الحقيقة لاضطررنا أن نقول: إن معايير الصدق والأصول العقلية لا حاجة لإقامتها لتميز الحديث؛ لأن الحديث في حد ذاته شيء لا يمكن الاعتماد عليه ولا اعتبار فيما يتحدث عنه) ((١)

فالأستاذ وتلميذه سارا من منتصف القرن الماضي التاسع عشر على منهج في الدراسة والدعوة، فيه زلزلة لقواعد الإسلام ودك لأصوله بالصرف عن السنة صرفاً تاماً، والطعن في الدراسات الإسلامية وبخاصة الشرعية، والدعوة إلى تفسير جديد للقرآن يتأول به على نحو يجعله متماشياً مع أنماط حياة المجتمعات المعاصرة المتطورة، خاضعاً لأهوائها، تحكمه ولا يهيمن عليها، وتغير أفهامه فيفقد روحه وسلطانه، وتبيد مبادئ الإسلام وقيمه عن طريق التحريف، ويصير تابعاً لإرادة الطاغوت محكوماً بها منحرفاً عن الحق، بعيداً عن أداء رسالته الخالدة التي جاء بها محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم من ربه، ودعا إليها الناس كافة ليملأ الأرض طهراً وعدلاً، ويقيم الموازين بالحق من أجل إسعاد الإنسان والسمو به والصون لكرامته والتحقيق لعزته.

وتلك المحاولة الماكرة التي نلمس آثارها إلى اليوم في الشرق والغرب وتنشرها باستمرار أقلام دعاة الفكر المتحررين، المتقمصين للإسلام خدعة، وللتجديد الديني شعاراً من غير أن يكون لهم به أي ارتباط أو صلة، مضت تغالط العامة وتضلل السذج، في وقت انعدم فيه الوازع من النفوس، وضعفت فيه الثقافة الدينية أو زالت من كثير من الأوساط، واستمرت يرعاها ويسهر على امتداد آثارها في بلاد الهند وباكستان ثلة من المفكرين تلقوا باليمين لواء الضلالة عن السيد أحمد خان ومولوي جراغ علي المتقدمين، برز منها في شرقي الهند ببهار محب الحق عظيم أبادي، وبلاهور من بلاد باكستان غلام نبي عبد الله الجكرالوي.


(١) أعظم الكلام: ١/ ٢٠

<<  <  ج: ص:  >  >>