للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي البلدان النامية يختلف الأمر كثيراً عن الصورة السابقة، ففي معظم هذه البلدان تعمل النسبة الكبرى من قوة العمل في القطاع الأولي.. في الزراعة أو الصيد أو الرعي أو استخراج المواد الأولية، وحيث تتوافر عادة في القطاع الأولي أعداد كبيرة من العمال غير المهرة الذين لم يتلقوا تدريباً على حرفة معينة فإنه يسود أجر نمطي في سوق العمل، وبالتالي فإن أي عامل سوف يقبل هذا الأجر، وارتفاع الأسعار بشكل عام ومستمر كما يحدث في البلدان النامية بدرجات متفاوتة لن يؤثر بشكل مباشر أبداً في معدل الأجر السائد في القطاع الأولي، ليس فقط بسبب ظروف العرض الكبير المتاح من العمل غير الماهر، بل أيضاً لأن نسبة من هذا العمل أحياناً كبيرة قد تكون في حالة بطالة، وفي هذه الظروف نجد أصحاب الأعمال دائماً في مركز الطرف الأقوى في عملية تحديد الأجر.

ويؤكد ضعف العمال في القطاع الأولي في البلدان النامية عدم وجود اتحادات أو نقابات لهم تجمع شملهم وتمارس عملية المطالبة بتحسين أحوالهم وأجورهم من خلال تنظيم عرضهم أو المساعدة في تدريبهم.. إلخ، وهكذا فإن الارتفاع المستمر في الأسعار لن يؤدي إلا إلى مزيد من التدهور في الأجر الحقيقي للعامل في القطاع الأولي، فإذا كان الأجر السائد يضمن حد الكفاف فإن مزيداً من الارتفاع في الأسعار يعني التدني إلى أقل من الكفاف مما يعني انتشار الأمراض وزيادة معدل الوفيات في عائلات العمال، أما إذا كان مستوى الأجر قد ارتفع لأي سبب فوق حد الكفاف فإن التضخم سوف يؤدي إلى تدنيه مرة أخرى إلى الكفاف.

أما في قطاع الخدمات والذي يضم نسبة لها اعتبارها من مجموع القوة العاملة في البلدان النامية، فإن فرصة تعديل الأجر خلال التضخم قد تكون متاحة وميسرة بالنسبة لفئة العمال الحرفيين أو المهنيين الذين يبيعون خدماتهم مباشرة في السوق.

<<  <  ج: ص:  >  >>