للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثال هؤلاء الذين يعملون في البناء وإصلاح الأدوات المنزلية والسيارات.. إلخ وهؤلاء تختلف ظروفهم عن العمال الأجراء الذين يعملون من خلال أصحاب أعمال، فالحرفيون أو المهنيون في الواقع حينما يتفقون على أجورهم مباشرة مع من يحتاجون خدماتهم يصبحون بمثابة أصحاب أعمال يتحملون مخاطر نشاطهم، وهذا على خلاف وضعهم حينما يعملون من خلال شركات أو مؤسسات تتعاقد معهم بأجور معينة مقابل مهام محددة، وعادة ما نجد أن ظروف العرض والطلب الخاصة بالحرفيين الذين يديرون شؤون أعمالهم بأنفسهم تتيح لهم فرصة كبيرة لرفع أجورهم –أو قل: أثمان خدماتهم- خلال التضخم، حتى إنهم يحققون غالباً ارتفاعاً في دخولهم الحقيقية، أما العمال الذين يعملون من خلال شركات أو مؤسسات فلا تتاح لهم مثل هذه الفرصة، ويلاحظ أن بعض من يعملون في قطاع الخدمات في البلدان النامية قد يكون في وضع مميز نسبياً (بالنسبة لتغير الدخل الحقيقي خلال التضخم) من البعض الآخر، مع ذلك فالذين يعملون في البنوك والسياحة وأنشطة التصدير والاستيراد لهم أوضاع مميزة في قطاع الخدمات الخاص، وكذلك من يعملون في الهيئات الدبلوماسية والقضاء ومن يتقلدون مناصب قيادية في الجهاز التنفيذي للدولة مميزون في قطاع الخدمات العام بالنسبة لغيرهم، فلا تتأثر الدخول الحقيقية لهؤلاء خلال التضخم، بل قد تزيد في كثير من الأحيان، وهذا على عكس ما يحدث للآخرين.

وبالنسبة لقطاع الصناعة في البلدان النامية فإنه صغير نسبياً، ولكنه في حالة نمو في معظم الحالات، والعمال في هذا القطاع لديهم عادة قدر من التعليم أو التدريب وإنتاجيتهم في المتوسط مرتفعة بالمقارنة بغيرهم في القطاعات الأخرى (خاصة القطاع الأولي) ، ومن الناحية الأخرى فإن عرضهم أقل من عرض العمال في القطاعات الأخرى، خاصة المهرة منهم، وهي فئة أكثر وعياً بمطالبها وأكثر تنظيماً، ومقدرتها على المساومة مع أصحاب الأعمال أكبر، سواء عند التعاقد على العمل أو بعد ذلك، ولكن مهما كان الأمر فإن عمال الصناعة الحديثة في البلدان النامية لا يقارنون من حيث أحوال العمل والتنظيمات النقابية بأقرانهم في البلدان الصناعية المتقدمة، لذلك فهم يتمكنون من تعديل أجورهم النقدية خلال التضخم بما يؤدي إلى ثبات أجورهم الحقيقية أو زيادتها أحيانا، ولكن ليس أبداً على نفس النمط السائد في البلدان الصناعية المتقدمة.

<<  <  ج: ص:  >  >>