للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من المعروف أنه في ظل التضخم يتجه الدخل من الأفراد إلى الدولة، من خلال المزيد من الضرائب التي تولدت في المجتمع لمجرد وجود التضخم، (١) ومن خلال فقدان الديون العامة قيمتها الحقيقية، ولعل في ذلك ما يفسر لنا ولو جزئياً ما نجده من توان وعدم بذلك الجهد الكافي من قبل بعض الدول لمواجهة التضخم، رغم ما له من آثار ضارة.

أما عن تأثير التضخم في توزيع الدخول والثروات بين الأفراد فيمكن القول بوجه عام: إن بعض الأفراد والفئات تستفيد من التضخم وبعضها يضار منه، فأصحاب الأصول المالية والنقدية وأصحاب الدخول الثابتة مثل العمال والموظفين يضارون من التضخم، عكس أصحاب الأصول العينية وأصحاب الدخول الحرة، مثل التجار وأصحاب المهن الحرة. (٢) وفي هذا الصدد يهمنا توضيح بعض المسائل:

أ- أثر التضخم على كل من المقرض والمقترض: من المقولات الاقتصادية الشائعة أن التضخم يفيد المقترض ويضر المقرض، وهذه المقولة صحيحة إلى حد كبير خاصة في ظل اقتصاد لا يؤمن بسعر الفائدة، أما في ظل الإيمان بنظام الفائدة فإن الأمر في النهاية يتوقف على مدى اقتراب أو ابتعاد التضخم الفعلي عن التضخم المتوقع. والاحتمالات ثلاثة: (٣) عدم حدوث أي ضرر أو نفع لأي من الطرفين، استفادة المقرض، استفادة المقترض.


(١) باري سيجل، مرجع سابق، ص ٥٨١ وما بعدها؛ تقرير التنمية في العالم ١٩٨٩، ص ٨٦، النشرة العربية، مؤسسة الأهرام. T.Killick, OP. Cit, PP. ١٧٥ – ١٧٧ وقد أشار المقريزي إلى هذه المسألة – انظر إغاثة الأمة، ص ٧٣
(٢) وهناك أثر توزيعي للتضخم تنبه له الفقهاء القدامى، وذلك عند تناولهم لرأسمال المضاربة وعدم جواز أن يكون بالفلوس عند بعض الفقهاء، حيث برروا قولهم بتعرض الفلوس لتقلبات كبيرة في قيمتها، ومعنى ذلك تأثر حقوق المضارب ورب المال عند انتهاء المضاربة بتغير قيمتها، انظر السرخسي: المبسوط، دار المعرفة، ١١/١٦٠
(٣) باري سيجل، مرجع سابق، ص ٥٩١ وما بعدها

<<  <  ج: ص:  >  >>