للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال صاحب الدرر السنية تعليقاً على موقف ابن تيمية: (إن كثيراً من الأصحاب تابعوا الشيخ تقي في إلحاق سائر الديون بالقرض، وأما رخص السعر فكلام الشيخ صريح في أنه يوجب رد القيمة أيضاً، وهو الأقوى) (١)

ومن الملاحظ أن الحجة الأساسية وراء هذا القول هي العدل وعدم الضرر، فما التزم به المدين عليه مثله طالما توفر المثل، والمثلية تتحقق بتوفر شرطين أو عنصرين؛ تساوي القيمة أو التساوي في المالية والتماثل في الجنس أو بمعنى آخر في الشكل والصورة، وبفقد أحد العنصرين وخاصة عنصر المالية يزول التماثل (٢) وفي تلك الحالة ليس أمامنا إلا الرجوع إلى القيمة، والملاحظ كذلك أن هذا ليس تبريراً قاصراً على ابن تيمية، فالسرخسي من الأحناف يقول: (ثم الملك نوعان، كامل وقاصر، فالكامل هو المثل صورة ومعنى، والقاصر هو المثل معنى، أي في صفة المالية، فيكون الواجب عليه هو المثل التام، إلا إذا عجز عن ذلك فحينئذ يكون المثل القاصر خلفاً عن المثل التام.. ولأن المقصود الجبران، وذلك في المثل أتم، لأن فيه مراعاة الجنس والمالية، وفي القيمة مراعاة المالية فقط) (٣) لو دققنا النظر في كلام السرخسي نجده ينطق بأنه عند اختلاف المالية لا نكون أمام مثل، حيث قصر التماثل على حالتين فقط؛ التماثل التام وهو ما جمع بين الجنس والمالية، والتماثل القاصر وهو ما توفرت فيه المالية فقط. وهو كلام ابن تيمية نفسه.

يضاف إلى ذلك أنه باتفاق العلماء فإن العيوب في المعقود عليه ما تولد عنها نقص الثمن أو القيمة. يقول ابن قدامة في تعريف العيوب: (إنها النقائص الموجبة لنقص المالية؛ لأن المبيع إنما صار محلاً للعقد باعتبار صفة المالية، فما يوجب نقصاً فيه عيب) (٤) أو ليس الثمن هو الآخر معقوداً عليه (٥) ؟ وإذن فيجري عليه ما يجري على المثمن مع مراعاة اختلاف طبيعة كل منهما.


(١) المرداوي، الإنصاف: ٥/١٢٧ وما بعدها؛ عبد الرحمن العاصمي، الدرر السنية: ٥/١١٠ وما بعدها، نشر دار الإفتاء بالرياض.
(٢) ابن تيمية، الفتاوى: ٢٩/٤١٥ الرياض، توزيع دار الإفتاء
(٣) السرخسي، المبسوط: ١١/٥٠ مرجع سابق
(٤) ابن قدامة، المغني ٤/٣٤٩. مرجع سابق
(٥) الخرشي، شرح الخرشي على مختصر خليل، دار صادر، بيروت: ٣/٥

<<  <  ج: ص:  >  >>