٣- ٥- هل هناك معيار شرعي للتمييز بين التضخم المعتدل والتضخم المرتفع؟
بحث هذه المسألة يكتسب أهمية في حالة الأخذ بالقول الثالث الذي يميز التغير السعري القليل والتغير الكثير، ويمكن أن يكون له بعض الإفادة عند من يقول بالقول الأول، أو بمعنى أصح عند بعض من يقول بذلك وهم الحنابلة.
على أية حال من الملاحظ أن القول الذي يذهب إلى التمييز بين الارتفاع اليسير والارتفاع الكبير لا يحدد بوضوح المعيار الفاصل بين هذين المعدلين، ومع ذلك فيشتم منه أن التغير الكبير هو الذي يكاد يفقد النقود ماليتها، ومعنى ذلك أن تصبح وكأنها أبطلت أو كسدت أو انقطعت.
وباستخدام الأدوات التحليلية المعاصرة لقياس قيمة العملة أو قوتها الشرائية (١) فإننا نجد أن معدل التضخم الذي يكاد يفقد العملة قوتها الشرائية هو من الارتفاع بحيث يمكن النظر إليه على أنه حالة استثنائية قل أن تحدث؛ إذ عليه كي يفقد العملة أن يتجاوز ١٠٠٠٠ % وذلك طبقاً للمعادلة التالية:
الرقم القياسي لأسعار سنة الأساس
القوة الشرائية للعملة = ــ × ١٠٠
الرقم القياسي لأسعار سنة المقارنة
فمثلاً لو كان الرقم القياسي لأسعار سنة المقارنة هو ١٠٠٠٠ فإن قيمة العملة تكون:
١٠٠
ــ × ١٠٠ = ١ %
١٠٠٠٠
لكن هل هذا المعدل الفاحش هو المتعارف عليه عند الاقتصاديين كمعدل مرتفع أو جامع للتضخم؟
في الواقع ورغم عدم تحديدهم للحد الفاصل بين المرتفع والمعتدل، إلا أنهم عادة لا يقصرون معدل التضخم الجامح على هذه المعدلات البالغة الارتفاع، ومتى ما وصل المعدل إلى أكثر من ٢٠ %، فإنه يفكر فيه باهتمام على أنه قد يصير بعد فترة تضخماً جامحاً، أو هو نذير سوء.
(١) لمعرفة مفصلة بالمعاني المختلفة لقيمة النقود يراجع د. مصطفى رشدي: الاقتصاد النقدي، مرجع سابق (ص ٤٤٠ وما بعدها)