٦- أثر ربط الأجور بالأسعار على الجهالة في عقد العمل
معلوم أن الشريعة الإسلامية توجب وضوح الحقوق والالتزامات بين الطرفين في جميع عقود المعاوضات، ومنها عقد العمل = (عقد إجارة الآدمي عند الفقهاء) وربط أجر العامل بمؤشر لتكاليف المعيشة ستعلن أرقامه فيما بعد يعني أن مقدار الأجر المستحق عن فترة مقبلة غير معلوم تماماً حين إبرام العقد الآن، وهذه جهالة بلا ريب.
وقد اتفق علماء الشريعة في الجملة على أن الجهالة اليسيرة لا تؤثر في صحة العقد وأن الجهالة الفاحشة تفسده، إنما تعددت آراؤهم في أنواع متوسطة من الجهالة، وفيما يجوز أن يغتفر – على خلاف الأصل- من جهالة كثيرة، والذي يهمني هنا هو أن أوضح مدى الجهالة التي يمكن أن يؤدي إليها الربط.
٦- ١- مدى الجهالة الناجمة عن الربط:
إن ربط الأجور بالأسعار يعني عملياً الاتفاق على أجر أساسي محدد (كما في المثال المضروب في الجدول رقم (٣) السابق) مع الالتزام بزيادة عليه ترتبط بالغلاء أي بزيادة الأسعار في المستقبل، فالجهالة محصورة في مقدار (زيادة الغلاء) وليس في الأجر الأساسي، (وسأفترض تبسيطاً أن العقد يقضي بزيادة الأجر بنسبة مساوية لزيادة الأسعار) .
ولإعطاء فكرة واقعية عن الموضوع أذكر أن الزيادات السنوية في الأسعار في كثير من البلاد الإسلامية غير المصدرة للنفط خلال العقد الماضي (١٩٨٠- ١٩٩٠م) كانت في المتوسط دون ١٠ % سنوياً في أكثرها، وما بين ١٥ % - ٢٠ % في بضع بلدان، وبلغت قريباً من ٥٠ % سنوياً في بلدين (١)
(١) البنك الدولي: تقرير عن التنمية في العالم ١٩٩٢م، الجدول ١٣، ومؤشر الأسعار المستخدم في التقرير وهو مثبت أسعار الناتج المحلي الإجمالي