٧- تحديد الأجر بمجموعة سلع، وصلة الربط (الأجر غير النقدي كنوع من الربط)
٧- ١- مقدمة:
يدل البحث عن مدى الجهالة في عقد عمل مستحدث ربط فيه الأجر بالأسعار كما فعلت في الفقرة (٦) السابقة، يمكن الانطلاق من مدخل مختلف تماماً وهو البحث عن عقد معروف حكمه، يشبه ذلك العقد المستحدث، وتعدية الحكم المعروف إلى العقد الجديد، وهذا ما سأحاوله الآن.
إن الأجر في عقد العمل يجوز شرعاً أن يكون مبلغاً نقدياً، كما يجوز أن يكون أجراً غير نقدي؛ مالاً متقوماً من غير الأثمان كسلعة معينة، أو منفعة محددة كسكنى دار معينة مدة معلومة.
ويجوز أن يكون بعض الأجر نقوداً وبعضه سلعاً ومنافع محددة، وقد نقلت كتب التاريخ أن بعض ولاة المسلمين كان رزقهم: كذا درهماً ونصف شاة كل يوم، أو كذا درهماً مع كسوة في الشتاء وأخرى في الصيف وعمرة كل سنة.
٧- ٢- الأجر سلعة محددة:
لنبدأ بملاحظة فنية، أفترض عقد عمل حدد الأجر فيه بسلعة محددة موصوفة: مثلاً عشرة أرطال أرز (من نوع معين) كل يوم.
إن هذا الأجر محصن تماماً من ارتفاع سعر الأرز، ولو كان سعر الأرز عند ابتداء العقد ٥ دراهم للرطل فإن هذا العقد الصحيح شرعاً يشبه عقداً مستحدثاً، الأجرة اليومية الأساسية فيه ٥٠ درهماً أول العقد (١٠ أرطال × ٥ دراهم) مع ربط الأجر بسعر الأرز؛ لأن ربط الأجر بسعر سلعة معينة معناه العملي: إعطاء مبلغ نقدي يكفل شراء المقدار نفسه من السلعة المعينة، فترة بعد فترة، خلال سريان العقد.
ولا ينكر أن هناك بعض الفروق بين عقد تكون الأجرة اليومية فيه عشرة أرطال أرزاً، وعقد الأجرة فيه دراهم بقية هذه الأرطال، ولابد من تحديد هذه الفروق بدقة، والنظر فيما إذا كانت مؤثرة تقتضي القول بصحة العقد الأول وفساد الثاني.