٣- أجاز بعض العلماء (أبو يوسف من الحنفية، وجه عند الحنابلة، وجه عند المالكية) في النقود الغالب غشها وفاء القرض بقيمته يوم العقد، إذا طرأ على هذه النقود تغير، لاسيما إذا كان فاحشاً.
٤- المسألة المطروحة تتعلق بما يسميه الاقتصاديون:(الربط القياسي للدين) وقد سمي كذلك لأن الدين تربط قيمته بتغيرات قيمة النقد، ولأن هذا الربط محتاج إلى مقياس يقيس هذه التغيرات، وتبسيط الفكرة أن يقرض لبناني إلى آخر مليون ليرة لبنانية، مقيسة بالدولار مثلاً عند القرض (ولنفرض أن هذا المبلغ يساوي ٦٠٠ دولار) ، ليسترد عند الوفاء ما يعادل هذه الـ ٦٠٠ دولار بالليرات اللبنانية.
٥- وتتفق مسألة الربط القياسي مع المسألة التي بحثها بعض الفقهاء (في نطاق تغير النقود المغشوشة) ، من حيث إن الغرض في كل منهما هو تخفيف أثر التقلبات في قيمة النقود.
وتختلفان من حيث إن الأولى محاولة للتحصن من التقلب قبل وقوعه، أما الثانية فهي محاولة لتلافي أثر التقلب بعد وقوعه، كما أن الأولى احتماء من التقلب، مهما قل مقداره، في حين أن الثانية (عند بعض الفقهاء) احتماء من التقلب إذا بلغ مقداره حداً كبيراً، أما التقلب اليسير فقد يتسامح به.
٦- وعليه فالمسألة المطروحة هي أن يقرض المقرض مليون دينار إسلامي مثلاً، ويعطي المقترض معادلها بالدولار في تاريخ القرض، ثم يسترد معادلها بالدولار في تاريخ الوفاء.
فعدد الدنانير الإسلامية لا يختلف بين القرض والوفاء، ولكن عدد الدولارات قد يختلف، باختلاف قيمة الدنانير.
٧- الشبهة التي قد ترد على هذه العملية أن فيها رباً وغرراً، فأما الربا فمن حيث إن المقترض قد يرد عدداً من الدولارات يزيد على العدد الذي اقترضه، وأما الغرر فمن حيث إن المقترض الذي اقترض عدداً من الدولارات لا يعرف العدد الذي سيرده.