للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومعلوم أن الظروف الاقتصادية وأحوال البيئة التي يعمل فيها البنك تتغير وتتبدل، الأمر الذي قد يحتاج معه البنك إلى إعادة تشكيل محفظة الاستثمار بالاتجاه نحو معدل أدنى (أو أعلى) من المخاطر، ودرجة أقل (أو أكثر) من السيولة.. إلخ.

وقد تطور العمل المصرفي التقليدي فأوجد لهذه المشكلة حلاً يتمثل في بيع الدين، فطورت له أسواق ووجد له وسطاء وأصبحت محفظة البنوك التقليدية عالية السيولة؛ لأن الديون فيها، حتى ذات الأجل الطويل، قابلة للبيع في أي وقت، فالبنك الذي تبنى هيكلاً محدداً لمحفظة الاستثمار فرتب درجات المخاطرة والسيولة بحيث تحقق له أعلى عائد ممكن عند أدنى مستوى ممكن من المخاطرة، عندما تتغير الظروف فيجد أن قروضه العقارية مثلاً أصبحت ذات مخاطرة عالية بسبب الكساد، أو أن تمويله لدولة معينة على سبيل المثال صار غير مضمون لعدم استقرارها السياسي ... إلخ، يستطيع بسهولة أن يبيع ذلك الدين ويستبدله بآخر متوافق مع التركيبة التي يرغب في الاحتفاظ بها (١)

وقد بلغ حجم أسواق الديون في الدول المتقدمة (حيث تتوفر الإحصاءات) مئات بل آلاف البلايين من الدولارات، الأمر الذي أعطى مرونة عالية لعمل البنوك عندهم، وحقق كفاءة مرتفعة في إدارته تجعله قادراً على الصمود أمام الصدمات المتمثلة في تغير الظروف الاقتصادية المحلية والدولية.

٤- ١- الآثار السلبية لهذه المشكلة على البنوك الإسلامية:

إن البنوك الإسلامية التي اتجهت إلى المرابحة كصيغة تمويل رئيسية وجدت أن أصولها تتمثل في جملتها من الديون، وسواء كانت عمليات المرابحة قد مولت من المصرف مباشرة أم من صناديق أو محافظ الاستثمار المخصصة، فإنها تواجه وضعا لا تجد فيه وسيلة لإعادة تشكيل محتويات محفظة الاستثمار في حال تغير الظروف لعدم جواز بيع الدين، فمن المعروف أن الدين لا يجوز بيعه إلا لمن هو عليه، أما لغير من هو عليه فيجوز فيه الحوالة، ولا يجوز البيع، فإذا أخذه بأنقص مما فيه أو بأزيد منه فهو بيع لا يجوز، وإذا أخذه بنفس مبلغه أمكن اعتباره حوالة جائزة، ولا يتصور –في ظل المعاملات المعاصرة - تصرفاً يصلح لما ذكرناه ويحقق الغرض الذي أشرنا إليه إلا البيع؛ إذ الحوالة لا تفي بالمقصود، وهو مقصود على إعادة تشكيل المحافظ الاستثمارية عند الحاجة.


(١) الذي سيشتري منه ذلك الدين مؤسسة أخرى وجدت أن محفظة الاستثمار عندها متدنية المخاطر فاشترت ذلك الدين لزيادة معدل العائد

<<  <  ج: ص:  >  >>