المخاطرة الأخلاقية إحدى أهم المشاكل التي تعاني منها صيغ التمويل في البنوك الإسلامية، وتعود هذه المشكلة ليس لطبيعة عمل المؤسسات المصرفية القائمة، بل إلى صيغة الوساطة المالية التي يقدمها البديل الإسلامي، وقد أشار أكثر من كاتب إلى هذه المشكلة وعدها بعضهم المشكلة الأساسية لنموذج البنك الذي لا يعمل بالفائدة (١)
٥- ١- وصف المشكلة:
يقوم النشاط الاقتصادي في كل المجتمعات على التعاون بين الأفراد والمؤسسات في علاقات إنتاجية أو استهلاكية أو تبادلية، وتعتمد صيغ هذا التعامل على أنواع التعاقدات المختلفة من بيع وشركة ووكالة ... إلخ، ويمكن القول: إن جميع العلاقات التي تنشأ بين الأفراد في مجال النشاط الاقتصادي هي عقود تكون أحياناً مكتوبة وموثقة، وتكون أحياناً مقصودة غير ملفوظة ولكنها معروفة عرفاً وعادة.
وفي كل مرة ينخرط طرفان في عقد فإن لدى كليهما معلومات اعتمد عليها في اتخاذ القرار، وتتعلق هذه المعلومات بمحل العقد وبالثمن والأثمان الأخرى وبالظروف الحالية والمتوقعة ... إلخ، وكذلك تتعلق بالطرف الآخر في العقد، ومع ذلك يبقى أن هذه المعلومات ناقصة، حيث يستطيع كل طرف أن يظهر من المعلومات عن نفسه وعن نواياه وقدراته وأغراضه الحقيقية فقط القدر اللازم لإقناع الطرف الآخر في الانخراط في العقد المذكور.
وهنا تأتي المخاطرة الأخلاقية؛ ذلك لأنه إذا ظهر بأن المعلومات المتوفرة للطرف الأول عن الطرف الثاني غير صحيحة أو غير كافية فإن السلوك المتوقع منه سوف لن يتحقق، ومن ثم يضحى القرار الذي اتخذه الطرف الأول قراراً خاطئاً، وكانت نتيجته الخسارة لذلك الطرف.
(١) من المراجع المفيدة في هذا الموضوع في الكتابات الاقتصادية: ١- A Theory of Predation based on agency Problems in Financial contracting p. Bahem and d. Scharfstein. ٢- M. Katz: Gameplaying agents: contracts as pre- commetment princeton. Princeton Univ. press ومن الأبحاث التي تناولت الجوانب الميدانية وأظهرت تدني مستوى الأمانة عند بعض العمال في عقود المضاربة في نشاط المصارف الإسلامية: عبد الحليم إبراهيم محيسن (تقييم تجربة البنوك الإسلامية) دراسة تحليلية، رسالة ماجستير في كلية الاقتصاد والعلوم، الجامعة الأردنية ١٩٨٩م