هذه بلا شك نقطة تفريق رئيسية ليس بين المصرف الإسلامي والمصرف الربوي فحسب، بل هي بين النظام الإسلامي والنظام الرأسمالي، ذلك أن النظام الاقتصادي الإسلامي هو بناء قوامه الأخلاق والقيم، ولذلك نجد أن جميع أنواع العلاقات والتعاقدات التي جاءت بها الشريعة إنما تفترض توفر هذه البيئة الإسلامية في مجتمع يكون أكثر أفراده من المتقين، وتقوم فيه المؤسسات التربوية والتعليمية والإعلامية وكذلك أجهزة القمع والأمن ومؤسسات القضاء بالمساعدة على توفر البيئة المذكورة.
لكن الواقع خلاف ذلك تماماً، فهذه الهيمنة الرأسمالية على الحضارة الإنسانية كان من نتائجها انتشار أنواع السلوك الفردي الذي يقوم على أن الممنوع هو فقط ما لا يستطيع الإنسان ارتكابه، فلا يمتنع تعففاً ولا يرتدع خوفاً من الله، وليس للصدق والإخلاص عنده أبعاداً اقتصادية وأثراً على عقود المعاوضة المالية.
٥- ٢- الآثار السلبية لهذه المشكلة على عمل البنوك الإسلامية:
إن من أهم آثار هذه المشكلة أن اتجهت البنوك الإسلامية بعيداً عن التمويل بالمضاربة والمشاركة وأنواع الشركة الأخرى لما ثبت لها بالتجربة من تدني مستوى الأمانة لدى أكثر المتعاملين مع المصارف، وفي العقود التي هي بطبيعتها عقود أمانة (يكون الطرف الآخر فيها مؤتمناً على أموال البنك) نجد أن النتيجة هي الخسارة أو الربح القليل غير الواقعي.