٣- الحرص عند صياغة العقود التي تتضمن قدراً كبيراً من المخاطرة الأخلاقية على تضمينها جزاءات مناسبة تدفع المتعاقد إلى الالتزام بنوع السلوك المفترض في أمثاله؛ إما بسبب أخلاقه العالية أو خوفاً من العقاب، مثال ذلك:
أ – فرض عقوبات على المماطلة في رد رأس مال المضاربة إلى البنك، أو التأخر في دفع الأرباح المتحققة حسب ما اتفق عليه (ونورد في مكان آخر من هذه الورقة تفصيل هذه الجزاءات) .
ب- الاشتراط بأنه إذا جاءت الأرباح –في عقد المضاربة - أدنى مما توقعته دراسات الجدوى وبدرجة غير مقبولة لرب المال، انقلب عقد المضاربة إلى عقد مشاركة وصار رأس مال المضاربة حصة شريك في شركة عنان يشارك المضارب في نشاطه التجاري بحيث يمكن لرب المال عندئذٍ أن يشارك في إدارة الأعمال وأن يتدخل مباشرة في اتخاذ القرارات، فيعلم المضارب عندئذٍ أن لا جدوى من إخفاء الربح؛ لما يترتب على ذلك من نتائج.
٤- تشجيع الطرف الآخر في العقد (المضارب مثلاً في عقد المضاربة) على الالتزام بالأمانة وذلك بالنص على أن ما تحقق من ربح يزيد على النسبة المتوقعة في دراسة جدوى المشروع سيحقق ربحاً قدره ٢٠ % سنوياً، يمكن للمصرف أن يقول للعميل المضارب: ما تحقق من ربح يزيد على ٢٠ % فإني متبرع لك بحصتي فيه، هذا بلا شك يدفع العامل إلى مضاعفة الجهد وفي نفس الوقت لا يضطره إلى المراوغة والخداع لإخفاء ما زاد عن النسبة المتوقعة، ليس في هذا الإجراء خسارة للبنك؛ لأن إثبات تحقق نسبة تزيد على المتوقع ليس بالأمر السهل، ومن ثم فإن رب المال (البنك) لن يعمد –في الوضع الطبيعي- إلى استقصاء الأمر إذا تحقق من الربح ما توقعته دراسات الجدوى، فكان الأولى التنازل عن ذلك تشجيعاً لهذا المضارب.
٥- تبني صيغة لتوزيع الأرباح تولد حافظاً على الجد والاجتهاد لدى الطرف الآخر، ففي عقد المضاربة مثلاً، يمكن النص على أن نصيب المضارب من الربح يكون متدرجاً، فإذا تحقق ربح قدره ١٠ % كان نصيبه منه الثلث، وإذا تحقق ربح قدره ٢٠ % كان نصيبه الثلثين ... إلخ (١) بهذه الطريقة يعلم المضارب أنه سيستفيد من كل جهد إضافي يبذله في إدارة المشروع، فلا داعي للتهاون ولا حاجة لإخفاء جزء من الربح.
٦- العمل على بناء قاعدة معلومات تتوفر فيها كافة البيانات عن عملاء المصارف وأرباب الأعمال الذين هم مظنة الانخراط في العقود مع البنوك، وتصنيفهم بناء على تاريخ التعامل معهم، بحيث يستفيد كل مصرف من تجارب الآخرين، وبهذه الطريقة يتردد الخائن قبل ارتكاب خيانته؛ لأنه يعلم أنه سيدفع ثمناً باهظاً لها يتمثل في وضع اسمه على قائمة سوداء يصعب عليه معها أن يحصل على تمويل لمشاريعه في المستقبل، ومن جهة أخرى يعلم الأمين الملتزم أنه سيستفيد من أمانته؛ لأنها ستسهل عليه في المستقبل أن يحصل على مزيد من التمويل من المؤسسات المصرفية التي تتبنى عقود المضاربة وأنواع المشاركات.
(١) وقد أفتت بجواز ذلك الهيئة الشرعية في شركة الراجحي المصرفية للاستثمار في قرارها رقم ٧٧ في ٢٩/٨/١٤١١هـ