للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- مشكلة تمويل الحكومة:

تعتبر الحكومات – في كل بلد- أكثر الجهات استفادة من التمويل الذي توفره المؤسسات والأسواق المالية، ففي الولايات المتحدة – مثلاً- تمتص الديون الحكومية نحو ٥٠ % من مجموع المدخرات في تلك البلاد (١) وقد بلغ من عظم تلك الحاجة في بعض البلدان أن مثلث الديون في إيطاليا نحو ١٠٥ % من الناتج القومي الصافي (٢) مرد ذلك بلاشك هو عظم دور الحكومات في حياة المجتمعات المعاصرة، تقتصر وظيفتها على حفظ الأمن وإقامة العدالة والدفاع عن الحدود وسك العملة، بل صارت مصدر خير كثير ومنافع متعددة يستفيد منها كل أفراد المجتمع، متمثلة في رعاية الصحة والتعليم والاتصالات والمواصلات ووسائل الثقافة والترفيه ... إلخ، كل ذلك دليل على أن الحكومة في حاجة بالغة إلى التمويل.

وتسد حاجة الحكومة إلى التمويل في البلدان المختلفة في الوقت الحاضر بمواردها المختلفة كالضرائب والرسوم وإيرادات ممتلكاتها، ولكنها تحتاج دائماً إلى الاقتراض، حيث تقترض الحكومة من البنوك ومن عامة جمهور الناس بواسطة طرح السندات في أسواق المال.. إلخ.

ومثل ذلك حال الحكومات في مجتمعات الإسلام، فهي تحتاج إلى التمويل كحاجة أية حكومة معاصرة، وتحصل عليه بطرق شبيهة بما وصف أعلاه.

ومع ما وصلت إليه البنوك الإسلامية من نجاح وتوسع،، ومع ما استطاعت أن تصل إليه من كفاءة في العمل وتطوير لصيغ التمويل لتفي بكافة حاجات الناس وأغراضهم، تبقى عاجزة عن الوفاء بهذه الحاجة الأساسية، فإذا استعرضنا البنوك الإسلامية التي تمارس نشاطها في مجتمعات المسلمين وجدناها غير قادرة على النهوض بهذه الحاجة الماسة، ومن فاضل القول أن نؤكد أنه لا سبيل لتحقيق سيادة النظام الإسلامي في أي مجتمع إذا بقيت الحكومات فيه تقترض بالربا ولا تجد لهذه القروض بديلاً يفي بحاجتها ضمن المباح.


(١) Wall Street Joumal, March ٢- ٩٣, p. ٦
(٢) jan ١٢- ٩٣, p. ٧

<<  <  ج: ص:  >  >>