ففي (١) لو جاز الفضل والنساء لجاز القرض الربوي، وهو غير جائز.
وفي (٢) جاز الفضل لاختلاف الصنفين، وامتنع النساء سداً لذريعة الفضل لاختلاف الزمنين، أي سداً لذريعة القرض الربوي: قرض يمنح بالذهب ويسترد بالفضة.
وفي (٣) جاز الفضل لاختلاف الصنفين، وجاز الفضل أيضاً لاختلاف الزمنين، فكما أن العدل في (١) يمنع النساء لامتناع الفضل، فإن العدل في (٣) يجيز الفضل لأجل النساء. ولهذا جاز بيع التقسيط الذي هو بر (معجل) بذهب (مؤجل) .
ولهذا نص العلماء على أن للزمن حصة من الثمن، فوضعوا بذلك مبدأ كان لهم فيه سبق تاريخي كبير في مجال العلوم، وهو مبدأ قيمة الزمن، وهو المبدأ المستمد من مفهوم ربا النساء = (فضل الحلول على الأجل) الذي أرساه الشارع بحديث الأصناف الستة، ولم تكن تعرفه العرب في الجاهلية. (١)
٢- والحجة العقلية هي أن القرض في الإسلام أصل والبيع أصل آخر مختلف عنه فأساس القرض الإحسان (= معاوضة ناقصة) وأساس البيع العدل (= معاوضة كاملة) .
والأصل في الإسلام أن للزمن قيمة، تظهر في القرض ثواباً، وفي البيع زيادة، حكمة ذلك أن الزيادة في البيع تابعة لنشاط البيع التجاري المعتبر، أما الزيادة في القرض فهي زيادة مستقلة غير مقترنة ببيع. وقد يجوز الشيء تبعاً ولا يجوز انفراداً، وبهذا يبقى القرض مخصصاً للإحسان، والبيع مخصصاً للتجارة، فلا بأس بالتجارة والاسترباح من البيع، ولو ربحاً إضافياً في مقابل الزمن، أما التجارة بالقروض والاسترباح منها فغير جائز.