للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويعتقد علماء الاقتصاد أن نظام المقايضة قد ساد وقتا ما، إلا أن تطور الحياة البشرية، وما يعترض الأخذ بمبدأ المقايضة من صعوبات أهمها:

أ- صعوبة التوافق المزدوج بين متبادلين، فصاحب القمح قد لا يجد من يبادله بما هو في حاجة إليه من أدوات الحرث مثلا.

ب- صعوبة توازن قيم السلع وحفظ نسب التبادل بينها، فلا يمكن قياس كمية من السكر بجزء من السمن أو الشاي أو غيرهما إلا بعناء.

ج- صعوبة التجزئة إذ قد تكون الحاجة إلى شيء تافه، فلا يتكافأ هذا الشيء التافه مع ما يرغب فيه من سلعة أخرى.

د- صعوبة احتفاظ السلع بقيمتها لتكون مستودعا للثروة وقوة للشراء المطلق ومعيارا للتقويم.

كل ذلك إلى الاستعاضة عنها بطريقة يحصل بها التغلب على الصعوبات المشار إليها، فنشأ مبدأ الأخذ بوسيط في التبادل، وليكون في ذلك الوسيط وحدة للمحاسبة ومقياس للقيم، وخزانة للثروة، وقوة شرائية مطلقة. إلا أن نوعية هذا الوسيط لم تكن موحدة بين الناس فكان للبيئة أثرها في تعيين وسيط التبادل فالبلاد الساحلية كانت تختار الأصداف نقدا، والبلاد الباردة وجدت في الفراء ندرة تؤهلها لاختيارها وسيطا للتبادل، أما البلاد المعتدلة فنتيجة للرخاء في عيشة أهلها آثروا المواد الجميلة كالخرز والرياش وأنياب الفيلة والحيتان نقودا، ويذكر أن اليابان كانت تستعمل الأرز وسيطا للتبادل، كما كان الشاي في وسط آسيا، وكتل الملح في أفريقيا الوسطى، والفرو في الشمال من أوربا.

وبتطور الحياة البشرية بمختلف أنواعها من فكرية واجتماعية واقتصادية ظهر عجز السلع، وسيطا للتبادل عن مسايرتها هذا التطور الشامل.

هذا العجز يكمن في تأرجح قيم السلع ارتفاعا وانخفاضا، تبعا لمستلزمات العرض والطلب، وأن السلع عرضة للتلف فضلا عن صعوبة حملها، وعن الأخطار التي تصاحب نقلها من مكان إلى آخر.

وفضلا عن ذلك كله فهناك مجموعة من السلع لا تنسب لها قيمة تذكر بجانب السلع المتخذة وسائط تبادل كالبيضة والبطيخة والرغيف من الخبز ونحو هذه المعدودات مما يحتاجه الجميع دائما.

لذلك اتجه الفكر الاقتصادي إلى البحث عن الاستعاضة عن السلع وسيطا للتبادل بما يسهل حمله، وتكبر قيمته، ويكون له من المزايا والصفات الكيماوية والطبيعية ما يقيه عوامل التلف والتأرجح بين الزيادة والنقصان.

<<  <  ج: ص:  >  >>