للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فاهتدى إلى المعادن النفيسة من ذهب وفضة ونحاس، ووجد فيها أسباب التغلب على الصعوبات التي كانت تصاحب السلع كوسائط للتبادل، فساد التعامل بها ردحا من الزمن على شكل سبائك وقطع غير مسكوكة، إلا أن اختلاف أنواع هذه المعادن وخصوصا الذهب، أوجد في استعمالها ثغرة كانت ميدانا للتلاعب والفوضى، فليس كل الناس يعرف المادة الأصلية للذهب وليس كل الناس يعرف المعيار المقبول للتبادل، ثم إن ترك تقدير القطع النقدية وخصوصا فيما له ندرة عالية كالذهب، وإرجاع ذلك إلى الوزن، أوجد فرصا لسرقتها بالتلاعب بوزنها، فضلا عما في كل صفقة بيع من المشقات الناتجة عن وزن المقادير المتفق عليها من المعدن الثمين.

لهذا كان واجبا على ولاة الأمور التدخل في شؤون النقد وحصر الإصدار في الإدارات الحكومية، وأن يكون على شكل قطع مختلفة من النقود المعدنية لكل منها ووزن وعيار معلومان، وأن تختم كل قطعة بختم يدل على مسؤولية الحاكم عن الوزن والعيار

فتدخل الحكام في ذلك، وأصبحت العمل المعدنية معدودة بعد إن كانت توزن، وصار كل جنس منها متفقا بعضه مع بعض في النوع والمقدار.

ويذكر أن أول من ضرب النقود كرويوس ملك ليديا في جنوب آسيا الصغرى في القرن السابع قبل الميلاد. ويقال بأنه يوجد أنموذج من نقوده في المتحف البريطاني.

ثم قام بتقليده غيره من ملوك المماليك المتاخمة لها. وفي ازدهار الحضارة اليونانية اتخذت لنفسها عملة خاصة أطلقت عليها اسم الدراخمة، ومعناها قبضة اليد. ولا يزال هذا الاسم هو اسم العملة اليونانية حتى يومنا هذا، ويقال بأن العرب نقلوا اسم الدراخمة إلى العربية وعربوها باسم الدرهم.

وقد ذكر بعض العلماء أن الذهب والفضة يعتبران أثمانا بالخلقة والطبيعة، سواء في ذلك مسكوكهما وسبائكهما بدليل أن السبائك الذهبية كانت تستعمل نقدا قبل سكها نقودا وقد كان تقدير ثمنيتها بالوزن، ومن ذلك ما رواه الخمسة وصححه الترمذي عن سويد بن قيس قال: جلبت أنا ومخرمة العبدي بزامن هجر فأتينا به مكة فجاءنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يمشي فساومنا سراويل فبعناه وثم رجل يزن بالأجرة فقال له: ((زن وأرجح)) .

<<  <  ج: ص:  >  >>