للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومثله حديث جابر بن عبد الله وبيعه جمله على رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما قال: ((يا بلال اقضه وزده)) فأعطاه أربعة دنانير وزاده قيراطا. وقد أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله فجاء في مجموع الفتاوى ما نصه:

(إن الناس في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتعاملون بالدراهم والدنانير تارة عددا وتارة وزنا) اهـ (١) .

والذي يظهر لي أن الأثمان يتم اعتبارها بالاصطلاح وأن أي شيء يتعارف عليه الناس ويتخذونه ثمنا فيلقي قبولا عاما فهو ثمن يحمل في نفسه مقومات الثمينة من قبول عام ومستودع للثروة ومقياس للقيم.

ولهذا كان أقرب تعريف للنقد وأصوبه تعريفه بأنه: أي شيء يلقي قبولا عاما كوسيط للتبادل مهما كان ذلك الشيء وعلى أي حال يكون.

وقد أشار بعض المحققين من علماء الإسلام إلى هذا، ففي المدونة الكبرى للإمام مالك في كتاب الصرف ما نصه:

(ولو أن الناس أجازوا بينهم الجلود حتى يكون لها سكة وعين لكرهتها أن تباع بالذهب والورق نظرة) اهـ.

وفي مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله ما نصه:

(وأما الدرهم والدينار فما يعرف له حد طبعي ولا شرعي بل مرجعه إلى العادة والاصطلاح وذلك لأنه في الأصل لا يتعلق المقصود به، بل الغرض أن يكون معيارا لما يتعاملون به والدراهم والدنانير لا تقصد لنفسها بل هي وسيلة إلى التعامل بها ولهذا كانت أثمانا – إلى أن قال – والوسيلة المحضة التي لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت) . اه (٢) .

ففي قوله رحمه الله: (والوسيلة المحضة لا يتعلق بها غرض لا بمادتها ولا بصورتها يحصل بها المقصود كيف ما كانت) . في قوله هذا إشارة إلى أن النقد هو ما يلقى قبولا عاما كوسيلة للتبادل على أي صورة كان ومن أي مادة اتخذ.


(١) ج١٩ ص٢٤٨
(٢) ج١٩ ص٢٥١

<<  <  ج: ص:  >  >>