للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وابن القيم رحمه الله يشترط أن يكون ثمن الحلية أكثر منها وزنا، ليكون الزائد على ثمنها في مقابلة الصياغة، وقد مر بنا قوله: (وكذلك ينبغي أن يباح بيع الحلية المصوغة صياغة مباحة بأكثر من وزنها) .

وقال رحمه الله بعد هذا في معرض الدفاع عن هذا الرأي (١) :

(فكيف ينكرون بيع الحلية بوزنها وزيادة تساوي الصناعة) اهـ.

وأجاب بنحو هذا شيخه شيخ الإسلام ابن تيمية في معرض جوابه عن جواز بيع الأكاديس الإفرنجية بالدراهم الإسلامية مع القطع بأن بينهما تفاوتا في الوزن، فقال رحمه الله في مجموع فتاواه ما نصه (٢) :

(وكذلك إذا لم يعلم مقدار الربوي بل يخرص خرصا، مثل القلادة التي بيعت يوم حنين، وفيها خرز معلق بذهب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا تباع حتى تفصل)) ، فإن تلك القلادة لما فصلت كان ذهب الخرز أكثر من ذلك الذهب المفرد. فنهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع هذا بهذا حتى تفصل، لأن الذهب المفرد يجوز أن يكون أنقص من الذهب المقرون، فيكون قد باع ذهبا بذهب مثله. (٣) . وزيادة خرز وهذا لا يجوز.

وإذا علم المأخذ فإذا كان المقصود بيع دراهم بدراهم مثلها، وكان المفرد أكثر من المخلوط كما في الدراهم الخالصة بالمغشوشة، بحيث تكون الزيادة في مقابلة الخلط، لم يكون في هذا من مفسدة الربا شيء إذ ليس المقصود بيع دراهم بدراهم أكثر منها، ولا هو بما يحتمل أن يكون فيه ذلك فيجوز التفاوت) . اهـ.

ومما أجيب به عن هذا الحديث أن فيه اضطرابا واختلافا، يوجب ترك الاحتجاج به، فقد ذكر الحافظ ابن حجر في كتابه تلخيص الحبير في تخريج أحاديث الرافعي الكبير ما نصه (٤) :

(وله عند الطبراني في (الكبير) طرق كثيرة جدا، في بعضها قلادة فيها خرز وذهب. وفي بعضها: ذهب وجوهر. وفي بعضها خرز وذهب. وفي بعضها: خرز معلقة بذهب. وفي بعضها: باثني عشر دينارا. وفي أخرى: تسعة دنانير، وفي أخرى، بسبعة دنانير، وأجاب البيهقي عن هذا الاختلاف بأنها كانت بيوعا شهدها فضالة) اهـ.

وذكر الحافظ ابن حجر أن هذا الاختلاف لا يوجب ضعفا، بل المقصود من الاستدلال محفوظ لا اختلاف فيه، وهو النهي عن بيع ما لم يفصل، وأما جنسها وقدر ثمنها فلا يتعلق به في هذه الحالة ما يوجب الحكم بالاضطراب. اهـ.


(١) الإعلام (٢/١٤٢)
(٢) مجموع الفتاوى (٢٩/٤٥٣)
(٣) هكذا في المطبوع، ولعل الصواب: قد باع ذهبا بذهب مثله زيادة وخرز، والله أعلم
(٤) تلخيص الحبير: (٣/٩)

<<  <  ج: ص:  >  >>