للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٥- ما رواه عبد الرحمن بن أبي بكرة عن أبيه قال ((نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الفضة بالفضة، والذهب بالذهب، إلا سواء بسواء، وأمرنا أن نشتري الفضة بالذهب كيف شئنا، ونشتري الذهب بالفضة كيف شئنا، قال: فسأله رجل فقال: يدا بيد فقال: هكذا سمعت)) (١) .

فهذه الأحاديث كلها صحيحة، وقد دلت على جواز التجارة في الذهب، والفضة، للاستفادة من تغيرات الأسعار، سواء كانا سبائك، أو تبرا، أو نقدا؛ حيث جاء بعضها بلفظ: الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، بصيغة العموم، وبعضها بلفظ الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما. وفي هذا دليل على جواز الصرف، والتجارة فيه، لكن الحكم بالجواز في جميع الحالات مقيد بشروط (٢) حيث يشترط التقابض بين البائع والمشتري في المجلس، والحلول، وأن لا يشترط الخيار لهما، أو لأحدهما، كما يشترط التماثل إذا اتحد الجنس مثل أن يكون ذهبا بذهب، أو فضة بفضة، أو أوراقا نقدية من عملة واحدة كريالات سعودية، أما إذا اختلف الجنس مثل أن يكون ذهبا بفضة، ومثل أن يكون المبيع ذهبا، والثمن أوراقا نقدية، أو شيكا يمثل أوراقا نقدية، أو يكون المبيع جنيهات مصرية بدولارات أمريكية فانه لا يشترط التماثل. ((فإذا اختلفت هذه الأجناس فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) .

فإذا التزمت الشروط السابقة، ولم تؤد التجارة فيها إلى الاحتكار، فإن التجارة فيها جائزة.

ولأن صرف النقود من عملة إلى عملة أمر ضروري لعموم الناس، فالحجاج والمعتمرون مضطرون إلى تحويل نقودهم إلى عملة المملكة العربية السعودية، ثم هم مضطرون إلى تحويل الفائض عندهم إلى عملات بلادهم عند عودتهم، وكذلك التجار مضطرون إلى تحويل نقودهم إلى عملة البلاد التي يستوردون منها بضائعهم، ومثلهم السياح ونحو ذلك. وهذا في كل الأزمان؛ فهو جائز نصا، والحكمة تقتضيه.

إذ الحكمة من إباحته هي الإرفاق بالإنسان؛ بإتاحة الفرصة له في استبدال نقد بنقد. وقد كثرت المبادلات التجارية بين الأفراد، وبين الأمم في العصر الحاضر، وتعددت ووسائلها.

وقد ذكر بعض العلماء أقوالا في التجارة في النقود ربما فهم البعض منها المنع أو الكراهة. سنذكر بعضا منها، ثم نجيب عليها إن شاء الله.


(١) صحيح مسلم بشرحه ٤/١٠١، انظر: صحيح البخاري بشرحه ٤/٣٧٩
(٢) سوف نعرض لتفصيل هذه الشروط في المبحث الآتي إن شاء الله

<<  <  ج: ص:  >  >>