للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤- الخلو عن خيار الشرط:

اختلف الفقهاء في اشتراط الخيار في الصرف هل يفسد العقد؟ أو لا يفسده؟

فذهب جمهور الفقهاء الحنفية والمالكية والشافعية في المذهب عندهم إلى أن الصرف لا يصح مع خيار الشرط؛ فإن شرط الخيار فيه لهما أو لأحدهما فسد الصرف؛ (لأن القبض في هذا العقد شرط بقائه على الصحة، وخيار العقد يمنع انعقاد العقد في حق الحكم، فيمنع صحة القبض. ولو أبطل صاحب الخيار خياره قبل الافتراق ثم افترقا عن تقابض ينقلب إلى الجواز (عند الحنفية) خلافا لزفر) (١) .

وقال الحنابلة: لا يبطل الصرف باشتراط الخيار فيه كسائر الشروط الفاسدة في البيع، فيصح العقد ويلزم بالتفرق، ويبطل الشرط ويلغو (٢) .

والراجح عندي مذهب الجمهور؛ لما عللوا به.

والحكمة في اشتراط التقابض، والحلول؛ للمنع من الوقوع في ربا النسيئة؛ فحرم التفرق قبل قبض العاقدين؛ لأنه يفضي إلى أن يحصل لمن عجل له أخذ العوض فائدة لا تحصل لنظيره حيث إنه يستطيع الإفادة من الثمن الحاضر بتقليده في التجارة، والإفادة من تقلبات الأسعار بما يحقق له الربح، وقد لا يتحقق له شيئا من ذلك، ولكن أخذه للعوض دون العاقد الآخر مظنة لحصول ما تقدم، والمظنة في الشريعة تقام مقام المئنة (٣) .

وقيل (إن الأجل فضل حكمي، ولهذا لا يجوز بيع أموال الربا وما ألحق بها في علته، بعضها ببعض مؤجلا سواء اتحد جنسها أو اختلف لأن الأجل زيادة حكمية في أحد البدلين كالزيادة الحقيقية) (٤) .

والأجل ليس مالا، فلا يجعل بمجرده ثمنا؛ لأن الزمن ليس سلعة تباع وتشترى (٥) .

والحكمة من اشتراط التماثل للمنع من الوقوع في ربا الفضل، فلو جاز الفضل في الجنس الواحد لوقع الناس في الربا، وبالتالي فإن هذا يؤدي إلى انقطاع المعروف بين الناس، والتراحم، والإحسان. فلا يقرض أحد الآخر إلا بفائدة ربوية، ولهذا جاء الشرع باشتراط التماثل في بيع الذهب بالذهب؛ حتى تطيب نفس المقرض بأن يقرض أخاه ولا ينتظر زيادة مادية، وإنما ينتظر الأجر من الله.


(١) البدائع ٥/٢١٩؛ المبسوط ١٤/٢٣؛ فتح القدير ٧/١٣٨؛ الذخيرة ٥/٣١؛ المقدمات ٢/١٥؛ مواهب الجليل ٤/٣٠٨؛ مغني المحتاج ٢/٢٤؛ المهذب ٢/٢٧٢
(٢) كشاف القناع ٣/٢٦٦؛ شرح منتهى الإرادات ٢/٢٠١
(٣) حكم قيمة الزمن؛ بحث للدكتور حمزة بن حسين الفعر، نشر بمجلة أم القرى؛ العدد السابع ص٩٠. وانظر: قواعد الأحكام للعز بن عبد السلام، طبع ونشر الكليات الأزهرية سنة ١٣٨٨هـ ٢/١٠٢ – ١٨٨ و١٣٩ - ١٤١
(٤) مجلة مركز أبحاث الاقتصاد الإسلامي، العدد ٢، المجلس الأول، سنة ١٤٠٤هـ ص١٢٣، بحث للدكتور أحمد فهمي أبو سنة؛ وانظر: الربا والمعاملات المصرفية: للدكتور عمر بن عبد العزيز المتروك ص٤٠
(٥) التفسير الكبير للرازي ٧/٩٧. وانظر: الربا والمعاملات المصرفية ص٥٠

<<  <  ج: ص:  >  >>