للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المبحث الثالث

علة الربا في الذهب والفضة

ذهب قليل من العلماء إلى قصر الربا على الأصناف الستة التي ورد بها الحديث الشريف. وفي الذهب والفضة، والبر والشعير، والتمر والملح. وعدم جريانه في غيرها؛ بقاء على أصل الإباحة؛ لقوله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} [البقرة: ٢٧٥] .

وأصحاب هذا القول فريقان؛ فريق قال بهذا القول لأنه لا يرى القياس دليلا شرعيا؛ وهم الظاهرية وغيرهم من نفاة القياس.

والفريق الثاني: يقر بأن القياس دليل شرعي، ولكنه لا يعمل به في هذه المسألة، وحكي عن طاووس وقتادة، وهو قول عثمان البتي، وابن عقيل من الحنابلة، وأبي بكر البقلاني، وارتضاه من المتأخرين الصنعاني، والصديق حسن خان (١) . فعثمان البتي يرى عدم القياس في الربا؛ لأنه يشترط في القياس أن يقوم دليل في كل أصل أنه معلول ولم يظهر له هنا، والحديث ورد فيه ستة أصناف فإذا قسنا عليها غيرها صار ورودها لا معنى له، فيبطل العقد، ولا يجوز كما في قوله: (خمس من الفواسق يقتلن في الحل والحرم) (٢) . وأبو بكر البقلاني يرى أن القياس في الربا قياس شبه، وهو لا يرى الاحتجاج بقياس الشبه (٣) ، وأما ابن عقيل فقال: إن علل القائسين في مسألة الربا علل ضعيفة، وإذا لم تظهر فيه علة امتنع القياس (٤) .

واتفق القائلون بالقياس – عدا من ذكرنا – على أن ثبوت الربا في الأصناف المذكورة بعلة، وأنه يثبت في كل ما وجدت فيه علته؛ لأن القياس دليل شرعي، فيجب استخراج علة هذا الحكم، وإثباته في كل موضع وجدت علته فيه.


(١) فتح القدير ٧/٥؛ المبسوط ١٢/١١٣، التمهيد ٤/٩١، الفروق ٣/٢٦٣، المغني ٦/٥٤، إعلام الموقعين ٢/١٣١، سبل السلام ٣/٣٨؛ الروضة الندية ص٢٥١
(٢) فتح القدير؛ المبسوط
(٣) الفروق
(٤) إعلام الموقعين

<<  <  ج: ص:  >  >>