للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المطلب الثالث:

أدلة الفريقين:

الفرع الأول – أدلة أصحاب المذهب الأول:

استدل الجمهور على وجوب التماثل في بيع الحلي، وعدم جواز أي زيادة لأجل الصنعة؛ بالكتاب، والسنة، والإجماع، والمعقول.

أما الكتاب فقول الله تعالى: {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة: ٢٧٥] .

وجه الدلالة: أن الله حرم الربا، والربا هو الزيادة. ودليل التحريم عام، لم يفرق بين المصنوع وغيره.

وأما السنة: فقد استدلوا بأحاديث كثيرة منها ما يفيد وجوب التماثل بعمومه، ومنها ما هو نص في الموضوع.

فأما ما يفيد التماثل بعمومه فكثيرة نكتفي منها بما يأتي:

١- عن عبادة بن الصامت قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((الذهب بالذهب والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء يدا بيد فإذا اختلفت هذه الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)) (١) .

٢- عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((الدينار بالدينار لا فضل بينهما، والدرهم بالدرهم لا فضل بينهما)) (٢) .

٣- حديث أبي سعيد الخدري رضي الله قال: ((أبصرت عيناي وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لا تبيعوا الذهب بالذهب ولا تبيعوا الورق بالورق إلا مثلا بمثل ولا تشفوا)) (٣) ((بعضه على بعض ولا تبيعوا شيئا غائبا منه بناجز إلا يدا بيد)) (٤) . وفي لفظ ((إلا وزنا بوزن مثلا بمثل سواء بسواء)) .

وأما الأحاديث التي تعتبر نصا في الموضوع فنذكر منها ما يأتي:

٤- عن أبي قلابة قال: ((كنت بالشام في حلقة فيها مسلم بن يسار، فجاء أبو الأشعث قال: قالوا: أبو الأشعث أبو الأشعث، فجلس فقلت له: حدث أخانا حديث عبادة بن الصامت قال: نعم غزونا غزاة وعلى الناس معاوية فغنمنا غنائم كثيرة فكان فيما آنية من فضة فأمر معاوية رجلا أن يبيعها في أعطيات الناس فتسارع الناس في ذلك فبلغ عبادة بن الصامت، فقام فقال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن بيع الذهب بالذهب والفضة بالفضة والبر بالبر والشعير بالشعير والتمر بالتمر والملح بالملح إلا سواء بسواء عينا بعين فمن زاد أو ازداد فقد أربى. فرد الناس ما أخذوا، فبلغ ذلك معاوية فقام خطيبا فقال: ألا ما بال رجال يتحدثون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث قد كنا نشهده ونصحبه فلم نسمعه منه، فقام عبادة بن الصامت فأعاد القصة ثم قال: لنحدثن بما سمعنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن كره معاوية – أو قال وإن رغم – ما أبالي إلا أصحبه في جنده ليلة سوداء)) .

قال حماد: هذا أو نحوه (٥) .


(١) صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٩٨؛ ورواه الجماعة إلا البخاري
(٢) صحيح مسلم ٤/١٠٠
(٣) (ولا تشفوا بضم أوله وكسر الشين وتشديد الفاء أي تفضلوا، وهو رباعي من أشف، والشف بالكسر الزيادة وتطلق على النقص) فتح الباري ٤/٣٨٠. والشف يطلق على الزيادة وعلى النقصان، فهو من الأضداد. لسان العرب؛ مادة شفف
(٤) صحيح مسلم ٤/٩٥، وانظر: صحيح البخاري بشرحه ٤/٣٧٩ و٣٨٠
(٥) رواه مسلم واللفظ له، صحيح مسلم بشرح النووي ٤/٩٧. رواه أبو داود، والترمذي، وليس فيه قصة معاوية، والنسائي والدارقطني والبيهقي. انظر جامع الأصول ١/٤٦٢

<<  <  ج: ص:  >  >>