للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقوله فيه: الدينار بالدينار والدرهم بالدرهم إشارة إلى جنس الأصل لا إلى المضروب دون غيره بدليل إرسال ابن عمر الحديث على سؤال الصائغ له عن الذهب المصوغ.

ومثله قول عمر رضي الله عنه لأبي رافع حين سأله عن الفضل مقابل الصياغة فقال: لا تبع الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن، وأكد ذلك بقوله: ولا تأخذ فضلا. فدل على أن الفضل مقابل الصياغة لا يجوز.

المعقول:

١- الصفات لا تقابل بالزيادة؛ لذا فإن العوضين إذا تساويا في الوزن، لم يؤثر اختلافهما في القيمة، كالجيد والرديء، بل المعتبر التساوي في المعيار الشرعي من كيل أو وزن (١) .

٢- ولأن اسم الذهب أو الفضة يتناول جميع أفراده جيده ورديئه، وتبره ومصوغه، صحيحه، ومكسوره، نافقه وغير نافقه، وغير ذلك، ومدار الحكم على ما يصدق عليه الاسم ولو اختلفت أنواع المسمى، وبناء عليه فلا اعتبار بما في الحلية والآنية من زيادة الصنعة، ولا يجوز أن تزيد قيمتها بسببها (٢) .

٣- ولأن صفة الوزن في النقدين منصوص عليها فلا يتغير بالصنعة ولا يخرج عن كونه موزونا (٣) ؛ ولذا فإنه لا يجوز بيع الدراهم والدنانير بالسبائك متفاضلا.

الفرع الثاني – أدلة أصحاب المذهب الثاني:

استدل القائل بجواز الزيادة في مقابلة الصنعة بما يأتي:

١- الحاجة: فيجوز مبادلة حلي الذهب بذهب بالتفاضل، على أن يكون الفضل في مقابل صناعة الحلي، وهذا وإن كان محرما سدا للذريعة، إلا أن ربا الفضل يباح منه ما تدعو إليه الحاجة؛ كالعرايا، فقد جوز الشارع بيع الرطب بالتمر لشهوة الرطب، وأين هذا من الحاجة إلى بيع المصوغ الذي تدعو الحاجة إلى بيعة وشرائه (٤) .

٢- دفع الحرج: (فإذا كانت الصياغة مباحة كخاتم الفضة وحلية النساء ... ، فالعاقل لا يبيع هذه بوزنها من جنسها، فإنه سفه وإضاعة للصنعة، والشارع أحكم من أن يلزم الأمة بذلك، فالشريعة لا تأتي به، ولا تأتي بالمنع من ذلك، فلم يبق إلا أن يقال: لا يجوز بيعها بجنسها البتة، بل يبيعها بجنس آخر، وفي هذا من الحرج والعسر والمشقة ما تنفيه الشريعة، فإن أكثر الناس ليس عندهم ذهب يشترون به ما يحتاجون إليه من ذلك، والبائع لا يسمح ببيعه ببر وشعير وثياب، وإن قالوا: على راغب الحلية اللجوء إلى الاستصناع، قلنا هذا متعذر أو متعسر، وكثير منهم يلجأ إلى الحيل من ذلك، ونحن نرى أن الحيل باطلة في الشرع) (٥) .


(١) المغني ٦/٦١؛ كشاف القناع ٣/٢٥٢
(٢) المبسوط ١٤/١١، الروض النضير ٣/٢٧٩
(٣) فتح القدير ٥/١٣٥؛ كشاف القناع ٣/٢٥٢
(٤) إعلام الموقعين ٢/١٣٥
(٥) إعلام الموقعين ٢/١٣٥

<<  <  ج: ص:  >  >>