للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٢- فإن قيل: إن النصوص الواردة بخصوص منع بيع الحلي بزيادة هي أقوال للصحابة وهي آراء لهم، وليس فيها نص عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا حديث يحيى بن سعيد، وهو مرسل.

٣- أجيب عليه بأن حديث النهي عن بيع القلادة إلا بالتساوي هو نص من الرسول صلى الله عليه وسلم. والأحاديث الأخرى التي أوردها الصحابة- رضوان الله عليهم- ليست آراء لهم، وإنما هي مرفوعة، أو في حكم المرفوع؛ لأن أبا قتادة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن مثل هذا، ويقول ابن عمر: (هذا عهد نبينا إلينا، وعهدنا إليكم) . وأكد عبادة بن الصامت فتواه، بقوله: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأما حديث أمير المؤمنين عمر بن الخطاب رضي الله عنه فهو في حكم المرفوع؛ لأنه مما لا يقال بالرأي؛ ولأنه – استشهد – في جوابه للصائغ بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: ((لا تبع الذهب بالذهب إلا وزنا بوزن، والفضة بالفضة إلا وزنا بوزن)) .

والقول في حديث يحيى بن سعيد أنه مرسل، صحيح؛ لكنه جاء من طريق آخر بسند صحيح متصل، كما نقلناه عن ابن عبد البر. علما أن الحديث المرسل حجة عند الفقهاء، ولا يحد من العمل به إلا الإمام الشافعي.

٤- إن ما أنكره عبادة على معاوية لم يكون إلا لأنه يتضمن مقابلة الصياغة المحرمة بالأثمان، لا لأنه ربا؛ لأنه كان متعلقا بآنية من فضة، واتخاذ الأواني من الذهب والفضة حرام.

والجواب على هذا: نعم إنها آنية من فضة، لكن عبادة رضي الله عنه لم ينه عن البيع لأنها آنية؛ وإنما نهى عن البيع لعدم التماثل؛ لأنه واضح من سياق الحديث والخلاف مع معاوية، أن الأمر متعلق بأحكام ربا الفضل؛ يؤيده ما جاء في الحديث إلا سواء بسواء، عينا بعين، فمن زاد أو ازداد فقد أربى.

وأما بيع الآنية فجاز لأنها من المغانم، ويمكن الاستفادة منها في غير الاستعمال كإناء؛ وذلك مثل تحويلها إلى دراهم، أو حلي، أو غير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>