للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - أن هذا ليس قياسا جليا؛ لأنه لا يتفق مع تعريف القياس الجلي. حيث عرف بأنه: (ما عرفت علته بنص، أو إجماع) (١) .

وعرفه بعض العلماء بأنه: (ما كانت العلة فيه منصوصة، أو غير منصوصة؛ غير أن الفارق بين الأصل والفرع مقطوع بنفي تأثيره) (٢) .

وقد قسم الغزالي، وابن قدامة المقطوع بنفي تأثيره إلى مرتبتين:

إحداهما: أن يكون المسكوت عنه أولى بالحكم من المنطوق به؛ كقوله تعالى: {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: ٢٣] فإنه أفهم تحريم الضرب والشتم، وكنهيه صلى الله عليه وسلم عن الضحية بالعوراء والعرجاء فإنه أفهم المنع من العمياء ومقطوعة الرجلين. (٣) .

المرتبة الثانية: ما يكون المسكوت عنه مثل المنطوق به، ولا يكون أولى منه ولا هو دونه، فيقال: إنه في معنى الأصل. (٤) كإلحاق الأمة بالعبد في تقويم نصيب الشريك على المعتق. كما في حديث ابن عمر – رضي الله عنهما – قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((من أعتق شركا له في عبد، فكان له مال يبلغ ثمن العبد، قوم العبد عليه قيمة عدل، فأعطى شركاءه حصصهم وعتق عليه العبد، وإلا فقد عتق منه ما عتق)) (٥) . أخرجه البخاري ومسلم، وأبو داود، والترمذي، والنسائي، وابن ماجه، وأحمد.

وكثير من علماء الأصول، لا يرون تسميته بالقياس الجلي، بل يقولون: إنه من باب دلالة النص؛ لأن هذا معنى يستوي في فهمه الفقيه وغير الفقيه (٦) .

والظاهر أن مراد ابن القيم – رحمه الله – بالقياس الجلي لا يخرج عن التعريفات السابقة؛ لأنه قسم القياس إلى صحيح وفاسد، وقل في معرض بيان أوجه خطأ نفاة القياس: (أحدها: رد القياس الصحيح، ولا سيما المنصوص على علته التي يجري النص عليها مجرى التعميم باللفظ؛ مثل قوله تعالى: {إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً أَوْ دَمًا مَسْفُوحًا أَوْ لَحْمَ خِنْزِيرٍ فَإِنَّهُ رِجْسٌ} [الأنعام: ١٤٥] نهى عن كل رجس) (٧) .


(١) البحر المحيط ٥/٣٦؛ شرح مختصر الروضة ٣/٢٢٣
(٢) الإحكام ٤/٣؛ وانظر: شرح العضد ٢/٢٤٧؛ الكوكب المنير ٤/٢٠٧؛ تيسير التحرير ٤/٧٦؛ المحصول ٥/١٢١؛ التقرير والتحبير ٣/٢٢١؛ حاشية البناني على شرح المحلي ٢/٢٩؛ مختصر البعلي ص١٥٠
(٣) المستصفى ٢/٢٨١؛ روضة الناظر ٣/٨٣٣، البرهان: ٢/٨٧٧
(٤) المصادر السابقة؛ وانظر: الرسالة، للإمام الشافعي فقرة (١٣٣٤) ص٤٧٩؛ المسودة ص٣٧٤؛ إعلام الموقعين ١/٢٩٩
(٥) صحيح البخاري بشرحه ٥/١٥١
(٦) البرهان ١/٤٤٩، ٢/٨٧٨؛ أصول السرخسي ١/٢٤١؛ المستصفى ٢/٢٨١ وما بعدها؛ روضة الناظر ٣/٨٣٣؛ الحرمين للطباعة، القاهرة، سنة ١٤١٣هـ - ١٩٩٣م
(٧) إعلام الموقعين ١/٣٧٧

<<  <  ج: ص:  >  >>