للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال أبو عبيد: (ولا نعلم هذا الاسم في الكلام المعقول عند العرب يقع إلا على الورق المنقوشة ذات السكة السائرة في الناس. وكذلك الأواقي ليس معناها إلا الدراهم كل أوقية أربعون درهما) (١) .

وفي الصحاح: (الورق الدراهم المضروبة، وكذلك الرقة) (٢) .

وفي لسان العرب: (الرقة في الحديث يريد الفضة والدراهم المضروبة منها) (٣) .

٦-والقول بأنه لا يعرف عن أحد من الصحابة أنه نهى أن تباع إلا بغير جنسها، أو بوزنها، مردود بالأحاديث التي استدل بها أصحاب المذهب الأول، فقد رووا النهي عن عمر، وابنه، وعبادة، وأبي الدرداء، ويحيى بن سعيد، ومجاهد وأنس بن مالك،، وأبي رافع.

والقول بأن الناس يبيعونها في عهد النبي صلى الله عليه وسلم، ومعلوم أنهم لا يبيعونها بوزنها قطعا فإنه سفه، يجاب بأنه يمكنهم بيعها بخلاف جنسها، أو بعروض التجارة.

٥- والقول بعدم جريان الربا في الحلي قياسا على الإجارة غير مسلم؛ لأن الإجارة وإن كانت بيعا للمنافع، إلا أن الأجرة من طرف، والعمل من طرف آخر، وهذا غير متحقق في حالة بيع الحلي؛ لأن المشتري لا يعقد عقد إجارة، ولأنه لا يلزم من جواز الأجرة – منفردا – على صياغة الذهب مستقلة عن الحلي المصوغ، جواز اعتبارها مضمومة مع القيمة (فقد ظهر بالاستقراء من الشرع أن للاجتماع تأثيرا في الأحكام لا يكون حالة الانفراد. ويستوي في ذلك الاجتماع بين مأمور ومنهي مع الاجتماع بين مأمورين، أو منهيين، فقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع وسلف، وكل واحد منهما لو انفرد جاز، ونهى الله عن الجمع بين الأختين في النكاح مع جواز العقد على كل واحدة بانفرادها. وفي الحديث النهي عن الجمع بين المرأة وعمتها، والمرأة وخالتها، وقال ((إذا فعلتم ذلك قطعتم أرحامكم)) . ومنها: النهي عن تقدم رمضان بيوم أو يومين، ونهى عن جمع المفترق وتفريق المجتمع خشية الصدقة. ونهى عن الخليطين في الأشربة؛ لأن لاجتماعهما تأثيرا في تعجيل الإسكار) (٤) .

فدلت هذه الأمثلة وغيرها كثير – بنصوص الشريعة – أن للاجتماع تأثيرا في الحكم ليس للانفراد حلا أو حرمة.

٨-الحيل التي ذكرها ابن القيم وحكم ببطلانها، نوافقه على أنها باطلة. لكنا لا نوافقه في تصحيح بيع الحلي بأكثر من وزنه مع اتحاد الجنس استنادا إلى تجويز من جوز تلك الحيل؛ لأن ما كان غير صحيح في نفسه لا يمكن تصحيح غيره عليه. قال تعالىلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآَنُ قَوْمٍ عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ} [المائدة: ٨] .


(١) الأموال لأبي عبيد ص٤٠١؛ وانظر: الأموال لابن زنجويه ٣/٩٨٦، وانظر: الصحاح، مادة: ورق؛ الذخيرة ٣/١٢
(٢) مادة ورق. وانظر: تحقيق أحمد شاكر على مسند الإمام أحمد ٢/٩٢، حديث رقم ٧١٠؛ المغني ٤/٢٢١
(٣) مادة ورق. وانظر: تحقيق أحمد شاكر على مسند الإمام أحمد ٢/٩٢، حديث رقم ٧١٠؛ المغني ٤/٢٢١
(٤) الموافقات ٣/١١١، وانظر: مجلة البحوث الفقهية، عدد ٢١ ص١١٧

<<  <  ج: ص:  >  >>