للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد صدر بهذا أيضا قرار مجمع الفقه الإسلامي بجدة، وقد جاء فيه: أن من صور القبض الحكمي المعتبرة شرعا وعرفا (القيد المصرفي لمبلغ من المال في حساب العميل في الحالات التالية) :

ت - (إذا أودع العميل مبلغا من المال مباشرة أو بحوالة مصرفية) (١) .

وقد يوهم تعبير المالكية أنهم يمنعون الصرف إذا أودع أحدهما ما قبضه عند الآخر. جاء في مواهب الجليل: (إذا وقع التقابض في الصرف ثم أودع أحدهما ما قبضه عند الآخر لم يجز) (٢) .

وقال اللخمي: (ولا يجوز اليوم لمن صرف دينارا بدراهم أن يودعها بعد المناجزة عند الصراف لأن القصد من تركها أن يبرأ من نقصها ونحاسها (٣) .

لكن يندفع هذا الوهم بما عللوا به: قال ابن رشد: (إنما لم يجز ذلك أنه آل إلى الصرف المتأخر؛ فإنهما على القصد إلى ذلك ولو صح ذلك منهما لم يكن عليهما فيه حرج) (٤) . قال: (وقد أجاز ذلك ابن وهب في سماع أبى جعفر إذا طبع عليه) . فبين أن المنع من هذا إذا كان يؤول إلى الصرف المتأخر حيث كان هو المقصود باطلا أما إذا كان الإيداع صحيحا، أي ليس مشروطا من قبل المصرف؛ فإنه حينئذ لا حرج؛ فيكون الصرف صحيحا؛ ومن المعلوم أن الإيداع في حساب العميل في المصارف في هذا العصر، إيداع صحيح؛ لأنه يتمكن العميل في أي لحظة من سحبه، أو سحب بعضه. وما علل به اللخمي غير متحقق في هذا العصر؛ لأن معظم التعامل اليوم بالنقود الورقية، ولا يمكن نقصها، ولا غشها من قبل المصارف المعترف بها، ولا يتحقق فيها أيضا؛ لأن التعليل الذي ذكره – مع عدم التسليم به في جميع الأحوال – يمكن أن يقال في حق النقود الذهبية والفضية القليلة المقدار عند من يرى أنها تتعين بالتعيين. أما النقود الورقية فإنها لا تتعين بالتعيين.

ولا يتحقق أيضا في الذهب والفضة في هذا العصر، لأنه أمكن ضبط حجمهما، ووزنهما، وتحديد عيار كل منهما.

٣- (إذا كان للعميل حساب لدى مصرف بعملة ما، فأمر المصرف بقيد مبلغ منه في حسابه بعملة أخرى بناء على عقد صرف ناجز تم بينه وبين المصرف، واستيفاء المبلغ الذي اشترى به من حسابه، فيعتبر القيد المصرفي المعجل بالعملة المشتراة قبضا حكميا من قبل العميل الآمر، ويعتبر الاقتطاع الناجز من قبل المصرف للبدل من حساب العميل قبضا حكميا له من المصرف، ويعد مجموع ذلك بمثابة التقابض بين البدلين في الصرف، وإن اتحدت يد القابض والمقبض حسا) (٥) . جاء في كشاف القناع: (فإن أذن له – [أي في مصارفة نفسه] – جاز. فيتولى طرفي عقد المصارفة) (٦) .


(١) قرار رقم (٥٥/٤/٦) ، الدورة السادسة، المنعقدة في جدة سنة ١٤١٠هـ/١٩٩٠م؛ ١/٧٧١
(٢) ٤/٣٠٦
(٣) ٤/٣٠٦
(٤) ٤/٣٠٦
(٥) القبض الحقيقي والحكمي؛ للدكتور نزيه حماد ص٣٦
(٦) ٣/٢٦٧

<<  <  ج: ص:  >  >>