للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهذه المعاملة جائزة، والوصف الفقهي لها عندي، أنها إجارة على نقل النقود، أو صرف وإجارة؛ ففي حالة استلام ذات العملة فهي إجارة فقط، وفي حالة استلام عملة أخرى كالجنيهات المصرية مقابل الريالات السعودية فهي صرف، ثم إجارة؛ وكل من العقدين مستقل عن الآخر؛ لأن تحويل الريالات إلى جنيهات صرف، ثم نقلها أو التعهد بنقلها إلى القاهرة وأخذ عوض مقابل هذا النقل إجارة على نقل النقود؛ لأنه هو مقصود العاقدين، وليست العمولة التي يدفعها طالب التحويل إلا أجرة النقل. والمصرف له أن يتخذ الوسيلة التي ينفذ العقد بها، ومن هذه الوسائل الشيك، أو البرقية، أو الفاكس، أو التلفون، أو نحو ذلك. لكن في جميع الأحوال يجب أن يفرق بين الصرف، والإجارة؛ لأن الصرف يشترط فيه التقابض، وسبق أن ذكرنا أن قبض الشيك، أو قبض المستند الذي يقوم مقامه في حالة الإرسال بواسطة الفاكس، أو البرقية، أو نحوهما، يعد قبضا حكميا صحيحا.

وبعد الوصول إلى هذا التخريج عثرت على أقوال لبعض العلماء والباحثين قد قالوا بتخريج هذا العقد على الإجارة منهم الشيخ أحمد إبراهيم بك، والدكتور عبد الحميد إبراهيم، والدكتور ستر بن نواب الجعيد (١) .

فقد قال الشيخ أحمد إبراهيم بك: (أقول: إن حوالة البريد (بوليصة البوستة) المعروفة عندنا ليست من هذا القبيل بل هي إجارة على إرسال النقود من بلد إلى بلد بأجر معلوم) (٢) .

يؤيد هذا القول ما ذكره صاحب المغني من أن العلماء إنما كرهوا اشتراط القضاء في بلد آخر في القرض لاحتمال أن للشيء المستقرض مؤونة وأجرة إلى ذلك البلد الذي شرط فيه الوفاء؛ ولذلك استثنوا ما لا مؤونة لحمله (٣) .فإذا دفعت المؤونة التي كره العلماء التوفية في بلد غير بلد القرض فقد زال موجب الكراهة ويصير هذا العقد إجارة حتى لو ورد في صورة القرض لأن العبرة في العقود بمقاصدها لا بألفاظها كما هو راجح في الشريعة (٤) .


(١) المعاملات الشرعية المالية ص٢٠٦؛ الموسوعة الفقهية، الحوالة:٢١٢
(٢) أحكام الأوراق النقدية والتجارية في الفقه الإسلامي ص٣٧٨
(٣) المغني ٦/٤٣٦
(٤) أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص٣٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>