للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقد كيف بعض الباحثين هذه العملية على أنه سفتجة (١) .:

١- وهذا التكييف لا يصح في نظري؛ لأن السفتجة قرض. كما هو رأي جمهور الفقهاء (٢) . فقد عرفها الدسوقي بأنها (الكتاب الذي يرسله المقترض لوكيله ببلد ليدفع للمقترض نظير ما أخذه منه ببلده وهي المسماة بالبالوصة) (٣) .

٢- ولأن الجموع التي تقف في المصارف لإرسال النقود إلى ذويهم أو عملائهم، أو حساباتهم في مصارف أخري، في الحقيقة ليست مقرضة، ولا يتبادر إليها القرض بأي حال.

٣- وأن المقترض في السفتجة لا يتقاضى أجرا. أما المصارف اليوم فإنها تأخذ أجرا على هذه العملية.

فإن قيل: إنها حوالة. قلنا: لا يصح تكييفها على الحوالة:

١- لأن الحوالة: نقل الدين من ذمة إلى ذمة. والصورة التي نحن بصددها الأصل فيها أنه ليس هناك دائن ولا مدين، وإن وجدت عند تحويل مستوردي البضائع إلى دائنيهم المصدرين، إلا أنها لا توجد في بقية الحالات. مثل أن يحول إلى حسابه، أو إلى أولاده.

٢- ولأن من أركان الحوالة: المحيل، والمحتال، والمحال عليه. وهذا غير متوفر في كل الحوالات المصرفية المعاصرة؛ لأنه قد يقوم المحيل بالحوالة إلى نفسه؛ مثل أن يحيل إلى حسابه في بنك القاهرة. فلم يوجد المحتال، ولا المحال عليه، في عقد الحوالة الفقهية. وإذا كان التحويل إلى دائنه المصدر مثلا، فإنه لا يوجد المحال عليه، ومن المعلوم أنه إذا لم يوجد أحد أركان العقد، فإن العقد لا ينعقد.

٣- لا يجوز أخذ الأجرة في عقد الحوالة. بينما الحوالات المصرفية يصح أخذ الأجر عليها؛ لأنها إجارة على تعهده بإيصال النقود إلى البلد الذي اتفق العميل مع المصرف عليه، سواء كان المصرف الذي حرر الشيك عليه فرعا له، أو وكيلا عنه.

وقال ابن حزم: (والإجارة جائزة على التجارة مدة مسماة في مال مسمى أو هكذا جملة كالخدمة والوكالة، وعلى نقل جواب المخاصم طالبا كان أو مطلوبا وعلى جلب البينة وحملهم إلى الحاكم وعلى تقاضي اليمين وعلى طلب الحقوق والمجيء بمن وجب إحضاره لأن هذه كلها أعمال محدودة داخلة تحت أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاجرة) (٤) .


(١) موقف الشريعة من المصارف الإسلامية المعاصرة؛ للدكتور عبد الله العبادي ص٣٣٦-٣٤٠، وبحث السفتجة؛ للدكتور رفيق المصري؛ منشور في مجلة أبحاث الاقتصاد الإسلامي – العدد الأول- لعام ١٤٠٤هـ/١٩٨٤م ص١١٣ و١٢٣
(٢) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير ٣/٢٢٥، وانظر: رد المحتار ٤/٢٩٥؛ المغني ٦/٤٣٦
(٣) حاشية الدسوقي مع الشرح الكبير ٣/٢٢٥
(٤) المحلى ٨/١٩٨

<<  <  ج: ص:  >  >>