للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فما دام الأمر كذلك فلا يترتب على نقل النقد بعينه كبير فائدة والمصرف – الأجير المشترك – يختلف عن بقية الأجراء المشتركين الذين يتقبلون من الناس أشياء تتعين بالتعيين، لأن هؤلاء الأجراء يلزمهم أن يردوا الشيء الذي أخذوه بعينه. أما المصرف فإن الأشياء التي يتسلمها وهي النقود لها هذه الميزة الخاصة – عدم التعيين – فلا يلزم ردها بعينها (١) .

وقال الأستاذ: مصطفى الزرقا: (إذا تصرف الأجير في المال الذي قبضه بحسب المقصود من العملية كان متصرفا في الأمانة فهو غاصب آثم، وإذا قيل: إنه تصرف بالإذن فلا يكون آثما. قلنا: إنه عندئذ ينقلب مقترضا ضامنا إلى حين الوفاء ولا يبقى أجيرا بعمل لقاء أجر) (٢) .

ثم بأي حق موجب يلزم الذي في البلد الآخر أن يدفع لهذا المستأجر مال الأجير الذي تحت يده أو في ذمته؟ (٣) .

ويمكن الإجابة على هذا الاعتراض: بأن تصرف الأجير المشترك – المصرف – في النقد مبني على ما سبق من أن النقد لا يتعين بالتعيين، وقد قبضها بقصد تقديمها أو تقديم مثلها في المكان الذي عينه طالب التحويل – المؤجر – وتصرف المصرف فيها لا يجعله مقترضا؛ لأنه لم يقبضها أمانة.

أما المصرف الذي في البلد الآخر – كالقاهرة – فإنه يقوم بتسليم المستأجر المبلغ الذي يحتويه الشيك؛ لأنه وكيل عن الأجير في دفع قيمة الشيكات عن موكله. وليس الانسحاب من الوكالة بمؤثر في العقد؛ ذلك أن حامل الشيك حينما يقدمه للفرع الذي في القاهرة يستطيع الوكيل أن يرفض قبول الشيك إذا لم يتلق رصيدا يغطيه، أو ليس عنده ثقة في ساحب الشيك تقوم مقام الرصيد.

يؤيده أن بنك القاهرة في مثلنا وكيل، وأن مصرف مكة المكرمة الذي حرر الشيك إذا أراد أن يمنع صرف ذلك الشيك فإنه يرسل إشعارا إلى ذلك الفرع بوقف صرف الشيك. أما حامل الشيك فلا يضر امتناعه، ولا يتصور أن يمتنع من التقديم؛ لأن امتناعه يضر به (٤) .


(١) أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص٣٧٤.
(٢) الموسوعة الفقهية
(٣) الموسوعة الفقهية
(٤) أحكام الأوراق النقدية والتجارية ص٣٧٧ و٣٧٨

<<  <  ج: ص:  >  >>