أما الوجه الثاني: فهو يختص بفرض النسيئة وما إذا كان ما فيه الزيادة مؤجلا.
ومن الواضح أن إطلاق الربا يشمل ذلك إذ لا يحتمل أن مجرد الفرق في التكيف يجعل قرضا أو بيعا يكون له دخل في صدق عنوان الربا وعدمه، لأن هذه المعاملة لا تختلف في روحها عن القرض بل حتى لو سلمنا عدم الإطلاق اللفظي فلا نشك في التعدي العرفي إذ مجرد تحويل صيغة القرض إلى صيغة البيع المؤجل لا يحل مشكلة الربا، وإلا لأمكن الحكم بعدم حرمة الربا مطلقا لإمكان إرجاع كل قرض إلى البيع المؤجل.
وأما إذا كانت المبادلة بين سنخين من الأوراق أي فيما بين عملتين نقدا كالريال والدولار فلا إشكال في الجواز مهما فرضت الزيادة في أحد الطرفين.
نعم لو كان أحدهما مؤجلا ففيه إشكال لما سنبينه من اشتراط القبض في بيع الصرف.
هذا كله بالنسبة إلى حرمة التفاضل.
وأما بالنسبة إلى اشتراط القبض: بفناء على شرط القبض في مبادلة الذهب بالفضة كما ورد التصريح به في عدة روايات (١) فهل نتعدى من ذلك إلى الأوراق الاعتبارية إذا كانت من سنخين أي إذا كانت المبادلة بين عملتين كالريال والدولار أو لا؟
فلو قلنا بأن شرط القبض حكم تعبدي بحت، لا نعرف ملاكه، ولا يستبعد العرف الفرق وخاصة أن الحكم لم يكن مخصوصا بالمسكوكين حتى يحمل على مطلق النقد الرائج، فيشكل الحكم بالتعدي واشتراط القبض حتى في الأوراق الاعتبارية.
وأما لو قلنا بأن للذهب والفضة حظا من النقدية والثمنية ولو لم يكونا مسكوكين وأن الحكم بوجوب القبض كان بهذا اللحاظ، وخاصة أن اختلاف الأسعار مما يسبب الغرر لو لم يحصل التقابض إذن فلا إشكال في الحكم بالتعدي واشتراط القبض في مبادلة الأوراق النقدية حسما لمادة النزاع.