يشترط جمهور الفقهاء لصحة عقد السلم أن يكون المسلم فيه مؤجلا، إلى أجل معلوم، على اختلاف بينهم في مدة الأجل، وفي الجهالة التي تفسد العقد، فالسلم الحال لا يجوز عندهم، وكذلك السلم المؤجل إلى أجل مجهول.
وقال الشافعية: يجوز السلم حالا كما يجوز مؤجلا، ولكل أدلته ورأي الجمهور أولى بالقبول عندي لقوة دليله، كما أرى ألا نجعل حدا لأقل الأجل، كما أنه لا حد لأكثره، وأرى أن جهالة الأجل التي تفسد العقد هي الجهالة التي ترجع إلى وجود الأجل (١) ، أما الجهالة التي ترجع إلى وقت حصوله، أي التي يكون فيها الأجل محقق الحصول، لكن الوقت الذي يحصل فيه غير محدد، مثل الأجل إلى الحصاد، أو قدوم الحاج، فإنها لا تفسد العقد.
ولا أوافق الشافعي وبعض فقهاء الحنابلة الذين اشترطوا أن يكون الأجل معلوما بالأهلة، ويكفي عندي أن يكون الأجل معلوما للعاقدين.
الشرط الثاني: أن يكون المسلم فيه مما يغلب وجوده عند حلول الأجل:
هذا شرط متفق عليه، لأن المسلم فيه واجب التسليم عند حلول الأجل، فلا بد أن يكون تسليمه ممكنا حينذاك، وإلا كان من الغرر الممنوع.
ولا يشترط عند جمهور الفقهاء وجود المسلم فيه عند العقد، ولا بعده قبل حلول الأجل، وقال الحنفية: يشترط وجود المسلم فيه في الأسواق من حين العقد إلى حين حلول الأجل، ولو لم يكن موجودا عند المسلم فيه، فالسلم عند الحنفية ليس من بيع المعدوم، وإنما هو من بيع ما ليس مملوكا للبائع.
(١) مثل الأجل إلى قدوم حاج معين، فإن هذا الحاج قد يقدم، وقد لا يقدم