للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٦- أن يكون المسلم فيه مؤجلا. وهذا الشرط اتفق عليه الحنفية والمالكية والحنابلة شرطا لصحة السلم للحديث: ((من أسلف في شيء)) فهذا الحديث أمر بالأجل وهو من طبيعة بيع السلم الذي استثني من القاعدة العامة وأجيز رفقا بالناس ومراعاة لضرورتهم (١) . ثم إنه لو كان حالا ولم يكن المسلم فيه عند المسلم إليه من باب بيع ما ليس عندك. وعلل المالكية ذلك تعليلا جيدا فقالوا في المدونة: وحتى لو كانت العين قائمة موجودة فلا يجوز السلم فيها وإن ضرب لذلك أجلا لأن في ذلك غررا لا يدري أتبلغ السلعة إلى ذلك الأجل أما لا وهو يقدم نقده فينتفع صاحب تلك السلعة بالنقد حتى ولو هلكت العين قبل الأجل ووصولها إلى مشتريها وهذا مخاطرة وغرر (٢) . وقال الشافعي: يصح السلم حالا ومؤجلا وهو حال أبعد عن الغرر وأن المراد في الحديث ((إلى أجل معلوم)) هو علم المتعاقدين بالأجل لا اشتراطا لوجود الأجل نفسه (٣) . واتفق الفقهاء أن عدم تحديد الأجل يفسد البيع وقال في المدونة: إنه بيع حرام. قلت: أرأيت إن اشتريت دابة أو بعيرا بطعام موصوف ولم أضرب له أجلا أو ثيابا موصوفة ولم أضرب لها أجلا وليس شيء مما اشتريت به البعير أو الدابة عندي، أيجوز ويكون شرائي البعير أو الدابة مضمونا إلى اجل أو يكون نقدا، قال: هذا بيع حرام لا يجوز أن يكون مضمونا إلى غير أجل وهو بيع ما ليس عندك، قلت: أرأيت إن أسلمت إلى رجل في مئة أردب تمر مئة دينار: خمسين أعطيتها إياه وخمسين أجلني بها، قال: قال مالك لا يجوز هذا وينتقض جميع السلم، قلت: فإن سلفت في طعام ولم أضرب لرأس المال أجلا فافترقنا قبل أن أقبض رأس المال، قال: هذا حرام إلا أن يكون على النقد (٤) .

واختلف الفقهاء في مدة أجل السلم وسئل مالك رضي الله عنه عن الرجل يبتاع الطعام إلى يوم أو يومين مضمونا عليه يوفيه إياه، فقال: لا يصح إلا إلى أجل أبعد من هذا وحتى لو كان ثيابا لا خير فيه إلا إلى أجل بعيد (٥) .


(١) بدائع الصنائع ٥/٢١٢؛ غاية المنتهى ٢/٧٨؛ المبسوط ١٢/١٢٥
(٢) المدونة الكبرى ٣/١٣٢
(٣) المهذب ١/٢٩٧؛ مغني المحتاج ٢/١٠٥
(٤) المدونة الكبرى ٣/١٣٨
(٥) المدونة الكبرى ٣/١٣٣

<<  <  ج: ص:  >  >>