للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ب - أما إذا كان المسلم فيه مما ينقطع عن أيدي الناس في موسم معين كالفواكه مثلا فلا يجوز عقد السلم فيه عند أكثرهم إلا إذا طاب أول ذلك الذي أسلف فيه وذلك معلوم في الفواكه مثل التفاح والرمان والسفرجل والقثاء والبطيخ والشمام وما أشبه ذلك من الفاكهة الرطبة التي تنقطع من أيدي الناس.

ج- وكذلك السلم في الحنطة فلا يصح السلم فيها حتى تشتد في أكمامها أو حتى تيبس، وقال مالك: بلغنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ((لا تبيعوا الحب حتى يشتد في أكمامه)) وقال: وحدثني عن ابن وهب عن إسماعيل بن عياش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يشترى الحب حتى يبيض. وعن ابن سيرين قال: لا تبيعوا الحب في سنبله حتى يبيض. وعن بعضهم: لا يسلف في زرع حتى ينقطع عنه شرب الماء وييبس. قال ابن وهب: سمعت مالكا يقول: لا يباع الحب حتى ييبس وينقطع عنه شرب الماء حتى لا ينقصه الشرب (١) .

وهذا الذي استندوا عليه من أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم صحيح رواه الأئمة ولكن كان ذلك في المبايعة العادية وقد وضحت ذلك في رواية الدارقطني عن زيد بن ثابت كان يقول: كان الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم يتبايعون الثمار، فإذا جد الناس وحضر تقاضيهم، قال المبتاع: إنه قد أصاب التمر مراق، وأصابه قشام، عاهات كانوا يحتجون بها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لما كثرت عنده المعتومة في ذلك: ((أما لا فلا تبتاعوا حتى يبدو صلاح الثمر)) قال: كالمشورة يشير بها لكثرة حقوقهم (٢) .

والذي أراه أن هذا الشرط إنما يكون في البيع ويستثنى في السلم كما استثني عقد السلم من القاعدة العامة ويؤيد هذا ما جاء في الحديث الصحيح الذي رواه البخاري عن محمد بن أبي المجالد قال: بعثني عبد الله بن شداد وأبو بردة إلى عبد الله بن أبي أوفى رضي الله عنهما فقالا: سله، هل كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم في عهد النبي صلى الله عليه وسلم يسلفون في الحنطة؟ قال عبد الله: كنا نسلف نبيط أهل الشام في الحنطة والشعير والزيت في كيل معلوم إلى أجل معلوم. قلت: إلى من كان أصله عنده؟ قال: ما كنا نسألهم عن ذلك، ثم بعثاني إلى عبد الرحمن بن أبزى فسألته فقال: كان أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يسلفون على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ولم نسألهم ألهم حرث أم لا؟ (٣) .


(١) المدونة الكبرى ٣/١٢٢
(٢) سنن الدارقطني ٢/٣٧ (الدارقطني ٢/٣٧ (القاهرة: دار المحاسن للطباعة ١٩٦٦)
(٣) صحيح البخاري ٣/٤٤ – ٤٥

<<  <  ج: ص:  >  >>