قبض رأس المال قبل التفرق شرط في صحة العقد فلو افترقا قبله بطل، والدليل على اعتبار هذا الشرط في صحة العقد الإجماع كما نقل عن الغنية والمسالك وفي بطلان العقد بعد التفرق بدون القبض قال في التذكرة: عند علمائنا أجمع كما في الجواهر.
ولكن يمكن أن يقال مضافا إلى ما ادعي من الإجماع على اعتبار القبض قبل التفرق في صحة العقد أن تسليم الثمن دخيل في حقيقة السلم وأنه بدونه منتف؛ لأن هذا العقد يسمى سلما وسلفا لغة وشرعا والسلم ينبئ عن التسليم والسلف ينبئ عن التقدم فيقتضي لزوم تسليم رأس المال وقد تقدم في تعريفه أن معناه لغة عبارة عن إعطاء الثمن في سلعة معلومة إلى أمد معلوم واصطلاحا ابتياع مال مضمون إلى أجل معلوم بمال حاضر أو في حكمه.
فعلى ضوء هذا التفسير يكون قبض رأس المال من مقومات السلم بحيث لو لم يقبض ثمن السلعة معجلا وفي مجلس العقد لا يكون سلما.
وبالجملة الدليل لهذا الشرط إما أن يكون هو الإجماع كما نقلناه آنفا عن جملة من الأعلام مثل (الغنية) و (المسالك) و (التذكرة) وهو الحجة بعد شهادة التتبع، وإما أن يكون قبض رأس المال قبل التفرق مما به قوام بيع السلم فلا يصدق السلم إذا لم يقبض رأس المال في مجلس العقد؛ فعلى هذا فلو تفرقا ولم يقبض إلا بعض ثمن السلعة صح في المقبوض وبطل في الباقي.
وفي (جامع المقاصد) قال: الشرط الرابع قبض الثمن في المجلس فلو تفرقا قبله بطل ولو تفرقا بعد قبض البعض صح فيه خاصة وللبائع الامتناع من قبض البعض للعيب بخلاف الدين، نعم صرح غير واحد بأن للبائع الخيار في الفسخ إذا لم يكن بتقصيره للتبعيض إلا أن الظاهر عدم الفرق في ذلك بين البائع والمشتري ولعل اقتصارهم على الأول هنا لأن الغالب كون التقصير في عدم القبض من المشتري فيسقط خياره، أما لو فرض عدمه مع حصول التبعيض فلا ريب في تسلطه على الخيار لذلك كما هو واضح. (١) .