للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٧- إن أدلة عقد الإجارة كلها دليل على جواز بيع المعدوم حالا المحقق الوجود مآلا (فالإجارة هي بيع المنافع المستقبلة والمنافع ليست موجودة حالا لكنها ستوجد مستقبلا) وقد أجاز الشارع عقد الإجارة بنصوص واضحة كثيرة مع شروط تخرجها عن الغرر. (١) . ونكتفي بهذا القدر من النصوص الشرعية التي تدل على أن بيع المعدوم إذا لم يكن فيه غرر (خطر) فهو صحيح وهذا هو الأصل والقاعدة كما في بيع الموجود إذا لم يكن فيه خطر. وأما بيع المعدوم والموجود معا إذا كان فيه خطر وغرر فهو باطل لنهي النبي صلى الله عليه وسلم عن بيع الغرر، وعلى هذا فالأصل والقاعدة هو عدم جواز بيع الغرر، فإذا جوزت الشريعة أو الفقهاء بيع غرر خاص يكون استثناء للأصل، أما هنا فبيع المعدوم لا يوجد أصل في عدم جوازه، بل ما تقدم من النصوص تصرح بأن الأصل فيه الجواز إذا كان بعيدا عن الغرر. وعلى هذا فسوف يكون بيع السلم على الأصل لما فيه من الشروط والقيود التي تخرجه عن كونه بيعا غرريا " فالمسلم فيه معين محقق الوجود مآلا، ومقدار معين بالكيل أو الوزن أو العدّ أو الذرع الذي يرفع الاختلاف والجهالة، والثمن معلوم يدفع مقدما، ووقت التسليم محدد أيضا بحيث لا يحتمل الزيادة والنقيصة، وأن يكون المسلم فيه موجودا حين الأجل غالبا" وعلى هذا فكيف صار جوازه استثناء وقد صرحت الشريعة بكل ذلك؟!

ثم إننا إذا تعقلنا عرفا بيع الكلي في المعين الذي هو عبارة عن بيع الكلي الموجود في الخارج الذي له أفراد خاصة يمتاز كل فرد عن الآخر بخصوصيته، لكن المعاملة حينما وردت على فرد لم تلحظ فيه هذه الخصوصية، فكان بيعا كليا في المعين ويكون تشخيص هذه الخصوصية للبائع كما قد يكون تشخيصها بيد المشتري كما إذا قال: بعت كتابا من هذه الكتب أيا شئت منها.

وتعقلنا بيع الحصة المشاعة (٢) كمئة متر من ألف أو حصة من البيت مشاعة، فتحصل الشركة ولابد من التراضي في التقسيم أو القرعة.

نتعقل بيع الكلي المضمون في الذمة الموصوف بأوصاف معينة تخرجه عن كونه غرريا. وإذا تعقل هذا عرفا شمله {وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ} و {تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ} فتكون مشروعيته أصلية وليست على خلاف القاعدة.


(١) راجع وسائل الشيعة/ ج١٣/ب١ – ٣٥ من الإجارة توجد روايات متعددة تدل على صحة عقد الإجارة، فلا يصلح أن يقال: إن الإجارة أجازها الفقهاء استحسانا، راجع مصادر الحق في الفقه الإسلامي ٣/٣٤
(٢) الفرق بين بيع الكلي في المعين وبيع الحصة المشاعة هو ما ذكرته الروايات بأن الميت إذا ترك ماله بوصية وقد تلف منه شيء قبل القسمة فإنه يتلف على الميت والورثة بالنسبة. أما إذا كان الميت مدينا وقد تلف شيء من التركة ولم يبق إلا بقدر الدين فيتخصص الباقي للغرماء، وما الفرق بين تضرر الوصية عدم تضرر الدين إلا بسبب أن الدين كلي في المعين بينما الوصية على سبيل الإشاعة

<<  <  ج: ص:  >  >>