للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حكمة السلم:

إن الحكمة في بيع السلم واضحة حيث إنه يحق كثيرا من منافع المتعاقدين، فمن لم يكن لديه السيولة النقدية وعنده القدرة على إنتاج السلع والمحصولات بكميات كبيرة الشيء الكثير بعد أجل معين ويريد ضمان تصريفها فيتمكن أن يحصل على السيولة النقدية ويسلم البضاعة أو المحصول في وقته إلى المشتري، وهذا بنفسه يشجع على الإنتاج المستقبلي في الزراعة والصناعة والعمل ويسد باب عدم تصريف البضاعة وكسادها.

ثم إن المشتري يستفيد من استثمار فائض أمواله بشرائه للسلعة السلمية بسعر أرخص بكثير من قيمتها الحقيقية في وقتها وبهذا سوف يحقق أرباحا له جيدة حيث إنه إذا استلم البضاعة فإن كان بحاجة إلى المال فسوف يبيعها بربح، وإن لم يكن بحاجة إلى المال فسوف يبيعها بيعا آجلا بثمن أكبر من ثمنها الحالي، وبهذا يكون قد استثمر المال مرتين.

بيان أنواع المعاملات التي يجوز فيها السلم:

إن المعاملات التي يجوز فيها السلم كثيرة وحاصلها:

١- بيع السلم وهو الشائع من أنواع المعاملات السلمية الذي يكون الثمن فيه هو النقد سواء كان ذهبا أو فضة أو نقودا ورقية ويكون المثمن فيه سلعة من السلع.

٢- إسلاف الأعراض في الأعراض إذا اختلفت، كما إذا أسلفه رصاصا بحنطة، وقد دل عليه إطلاق خبر وهب عن علي قال عليه السلام: (لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال وما يكال فيما يوزن) (١) المنجبر بالشهرة العظيمة، ولهذا لا يصار إلى ما ذهب ابن أبي عقيل إلى عدم جواز السلم إلا بالعين والورق ولا يجوز بالمتاع، والنهي الوارد في هذا النوع يحمل على الكراهة خصوصا مع التعبير بلفظ (لا ينبغي للرجل إسلاف السمن بالزيت ولا الزيت بالسمن) (٢) .

٣- إسلاف الأعراض في الأعراض إذا اتفقت ولم تكن مقدرة بالكيل أو الوزن كإسلاف الثياب في الثياب.

٤- إسلاف الأثمان في الأعراض كإسلاف النقد الذهبي أو الفضي بالحنطة. فيشتري منه نقدا إلى أجل بحنطة حالة، وهذا قد يقال له بيع النسيئة إذا كان البائع قد اشترى حنطة بنقد مؤجل إلى ستة أشهر مثلا. وفي خبر غياث عن جعفر عن أبيه عليه السلام قال: (لا بأس بالسلف في الفلوس) (٣) .

٥- أما إسلاف الأثمان في الأثمان فينقسم إلى أقسام:

الأول: إسلاف الذهب بالفضة أو العكس هذا لا يجوز لأنه عبارة عن بيع الأثمان في الأثمان وقد اشترط فيه التقابض في المجلس فما لم يحصل التقابض يكون باطلا.

ولو قيل: إن التقابض قد يحصل بكون الأجل قصيرا، فمع هذا لا يجوز بيع الأثمان في الأثمان سلما وذلك للأدلة الدالة على عدم جواز الأجل في النقدين إذا بيع أحدهما بالآخر وأنه لا بد من الحلول في بيعهما والتقابض في المجلس (٤) .

الثاني: إسلاف الأوراق النقدية في الأوراق النقدية من جنس واحد، فأيضا لا يجوز، لا لأجل أن التقابض شرط في النقدين: (الذهب والفضة) ولكن لا يجوز؛ لأن العرف يرى قرضية هذه المعاملة، فإذا كان ما يستحقه بعد ستة أشهر أكثر مما أعطاه الآن فهو ربا.

الثالث: إسلاف الأوراق النقدية في الأوراق النقدية من جنسين مختلفين، فهذا يجوز على قول المشهور الذي يرى عدم وجوب التقابض في الأوراق النقدية، وهناك رأي بعدم جواز ذلك لاشتراط التقابض فيها.

٦- يجوز أن يكون ما في الذمة ثمنا في السلم إذا كان حالا كما تقدم.


(١) وسائل الشيعة / ج١٣ باب ٧ من السلف/ ح١
(٢) وسائل الشيعة/ج١٣/ باب ٧ من السلف/ح٣
(٣) وسائل الشيعة/ ج ١٣ باب ١ من السلف ح١٢
(٤) وسائل الشيعة/ ج١٢/ باب ٢ من أبواب الصرف (الروايات)

<<  <  ج: ص:  >  >>